وَالنُّسُكُ وَالَّذِي لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهِ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ بُقْعَةً تُفْعَلُ الصَّلَاةُ فِيهَا إِلَّا الْمَسَاجِدَ: لَا مَقْبَرَةً وَلَا مَشْهَدًا وَلَا مَغَارَةً وَلَا مَقَامَ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا خَصَّ بُقْعَةً غَيْرَ الْمَسَاجِدِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إِلَّا مَشَاعِرَ الْحَجِّ: لَا قَبْرَ نَبِيٍّ وَلَا صَالِحٍ وَلَا مَغَارَةً وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا يُقَبَّلُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَيْءٌ عِبَادَةً لِلَّهِ إِلَّا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَلَا يُتَمَسَّحُ إِلَّا بِهِ وَبِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَلَا يُسْتَلَمُ الرُّكْنَانِ الشَّامِيَّانِ وَهُمَا مِنَ الْبَيْتِ فَكَيْفَ غَيْرُهُمَا؟ وَقَدْ طَافَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَسْتَلِمْ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ» . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ (١) .، وَرَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ.
فَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى أَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يُعْبَدَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ - لَا نَعْبُدُ مِنْ دُونِهِ شَيْئًا: لَا مَلَكًا وَلَا نَبِيًّا وَلَا صَالِحًا وَلَا شَيْئًا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ; وَالثَّانِي أَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا أَمَرَنَا بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - لَا نَعْبُدُهُ بِبِدَعٍ لَمْ يُشَرِّعْهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
وَالْعِبَادَاتُ تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْحُبِّ وَكَمَالَ الْخُضُوعِ، فَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يُحِبُّ الْخَالِقَ فَهُوَ مُشْرِكٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}
(١) وَرَدَ هَذَا الْأَثَرُ بِمَعْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فِي الْمُسْنَدِ أَقْرَبُهَا إِلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي ٣/٣٦٦ (رَقْمِ ١٨٧٧) وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ ٢/٩٢ مَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَانْظُرِ الْأَرْقَامَ: ٢٢١٠، ٣٠٧٤، ٣٥٣٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute