للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى الْأَشْعَرِيَّةِ: لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ [نَاقِصٌ بِذَاتِهِ] (١) كَامِلٌ بِغَيْرِهِ، وَلَا قَالَ الرَّازِيُّ مَا ذَكَرْتُهُ (٢) مِنَ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمْ، بَلْ هَذَا الِاعْتِرَاضُ ذِكَرَهُ الرَّازِيُّ عَمَّنِ اعْتَرَضَ بِهِ، [وَاسْتَهْجَنَ] (٣) الرَّازِيُّ ذِكْرَهُ (٤) .


(١) نَاقِصٌ بِذَاتِهِ: فِي (ع) فَقَطْ.
(٢) ب (فَقَطْ) : مَا ذَكَرَهُ.
(٣) وَاسْتَهْجَنَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَفِي (أ) : وَاسْتَهْجَرَ.
(٤) أَوْرَدَ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأَرْبَعِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ " ص ١٥٩ (ط. حَيْدَرَ آبَادَ، ٣٥٣١) عِنْدَ كَلَامِهِ عَنِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ شُبَهَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي رَدِّهِمْ عَلَى مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ وَقَالَ: ". . . الشُّبْهَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَفَّرَ النَّصَارَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى كَفَّرَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا ذَوَاتًا ثَلَاثَةً قَدِيمَةً قَائِمَةً بِأَنْفُسِهَا. أَوْ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا ذَاتًا مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ. وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ النَّصَارَى لَا يُثْبِتُونَ ذَوَاتًا ثَلَاثَةً قَدِيمَةً قَائِمَةً بِأَنْفُسِهَا، وَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا بِذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يُكَفِّرَهُمُ اللَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَمَّا بَطَلَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ ثَبَتَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا كَفَّرَهُمْ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا ذَاتًا مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ، وَلَمَّا كَفَّرَ النَّصَارَى لِأَجْلِ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا صِفَاتٍ ثَلَاثَةً، فَمَنْ أَثْبَتَ الذَّاتَ مَعَ الصِّفَاتِ الثَّمَانِيَةِ فَقَدْ أَثْبَتَ تِسْعَةَ أَشْيَاءَ وَكَانَ كُفْرُهُ أَعْظَمَ مِنْ كُفْرِ النَّصَارَى بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ. فَهَذَا مَجْمُوعُ شُبَهِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي نَفْيِ مُطْلَقِ الصِّفَاتِ ". وَقَدْ رَدَّ الرَّازِيُّ عَلَى شُبَهِ الْمُعْتَزِلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَدَّ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ السَّادِسَةِ، ص [٠ - ٩] ٦٥ فَقَالَ: " وَالْجَوَابُ عَنْ شُبْهَتِهِمُ السَّادِسَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا كَفَّرَ النَّصَارَى لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا صِفَاتٍ ثَلَاثَةً هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ ذَوَاتٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ جَوَّزُوا انْتِقَالَ أُقْنُومِ الْكَلِمَةِ مِنْ ذَاتِ اللَّهِ إِلَى بَدَنِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ مُسْتَقِلًّا بِالِانْتِقَالِ مِنْ ذَاتٍ إِلَى ذَاتٍ أُخْرَى يَكُونُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ قَائِمًا بِذَاتِهِ. فَهُمْ وَإِنَّ سَمَّوْهَا صِفَاتٍ إِلَّا أَنَّهُمْ قَائِلُونَ فِي الْحَقِيقَةِ بِكَوْنِهَا ذَوَاتًا، وَمَنْ أَثْبَتَ كَثْرَةً فِي الذَّوَاتِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِأَنْفُسِهَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ. فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ مَنْ أَثْبَتَ الْكَثْرَةَ فِي الصِّفَاتِ لَزِمَهُ الْكُفْرُ؟ ! ".

<<  <  ج: ص:  >  >>