للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَصْدَرِ مُمْتَنِعٌ، وَهَذَا كَمَا لَوْ قِيلَ: مُصَلٍّ بِلَا صَلَاةٍ، وَصَائِمٌ بِلَا صِيَامٍ، وَنَاطِقٌ بِلَا نُطْقٍ.

فَإِذَا قِيلَ: لَا يَكُونُ نَاطِقٌ إِلَّا بِنُطْقٍ (١) ، وَلَا مُصَلٍّ إِلَّا بِصَلَاةٍ، لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ أَنَّ هُنَا شَيْئَيْنِ (٢) : أَحَدُهُمَا الصَّلَاةُ، وَالثَّانِي حَالٌ مُعَلَّلٌ بِالصَّلَاةِ، بَلِ الْمُصَلِّي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَلَاةٌ.

وَهُمْ أَنْكَرُوا قَوْلَ نُفَاةِ الصِّفَاتِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: هُوَ حَيٌّ لَا حَيَاةَ لَهُ، وَعَالِمٌ لَا عِلْمَ لَهُ، وَقَادِرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ.

فَمَنْ قَالَ: هُوَ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ بِذَاتِهِ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَاتَهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِحَيَاتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا قَوْلُ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ، (٣ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَاتَهُ مُجَرَّدَةٌ لَيْسَ لَهَا حَيَاةٌ وَلَا عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ ٣) (٣) الْمُنْكَرُ مِنْ (٤) أَقْوَالِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ.

وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالَهُ هَذَا قَدْ (٥) سَبَقَهُ إِلَيْهِ الْمُعْتَزِلَةُ، وَهَذَا اللَّفْظُ وَجَدْتُهُ فِي كَلَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ (٦) الْبَصْرِيِّ، وَمَعَ هَذَا مَنْ تَدَبَّرَ كَلَامَ أَبِي الْحُسَيْنِ (٧) وَأَمْثَالِهِ وَجَدَهُ مُضْطَرًّا إِلَى إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يُمَكِنُهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُثْبِتِينَ بِفَرْقٍ مُحَقَّقٍ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ كَوْنَهُ حَيًّا وَكَوْنَهُ عَالِمًا وَكَوْنَهُ قَادِرًا، وَلَا يَجْعَلُ هَذَا هُوَ هَذَا، وَلَا هَذَا هُوَ هَذَا، وَلَا هَذِهِ الْأُمُورُ


(١) ع، ن، ا: لَا يَكُونُ نَاطِقًا إِلَّا بِنُطْقٍ، وَالصَّوَابُ مَا فِي (ب) .
(٢) ع، م: شَيْئَانِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) (٣ - ٣) سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٤) ب (فَقَطْ) : الْمُنْكِرِينَ.
(٥) عِبَارَةُ " هَذَا قَدْ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٦) ع، ن، م: أَبِي الْحَسَنِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٧) ع، ن، م: أَبِي الْحَسَنِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>