للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَاتِهِ فَإِنَّ ذَاتَهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ عَالِمًا، فَذَاتُهُ (١) هِيَ الْمُوجِبَةُ لِهَذَا وَلِهَذَا، [فَإِذَا (٢) قُدِّرَ أَنَّهَا أَوْجَبَتِ الِاثْنَيْنِ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ تُوجِبَ أَحَدَهُمَا] (٣) إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا نَقْصًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِلْمَ كَمَالٌ، وَكَوْنُهُ عَالِمًا كَمَالٌ، فَإِذَا أَوْجَبَتْ ذَاتُهُ هَذَا وَهَذَا، كَانَ كَمَا لَوْ أَوْجَبَتِ الْحَيَاةَ وَالْقُدْرَةَ.

السَّابِعُ (٤) : قَوْلُهُ: " جَعَلُوهُ مُفْتَقِرًا فِي كَوْنِهِ عَالِمًا إِلَى ثُبُوتِ مَعْنًى هُوَ الْعِلْمُ "، عِبَارَةٌ مُلْبِسَةٌ. فَإِنَّ لَفْظَ (٥) " الِافْتِقَارِ " يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ يَجْعَلُهُ عَالِمًا يُفِيدُهُ الْعِلْمُ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا ثُبُوتُ هَذَا بِطْرِيقِ اللُّزُومِ لِذَاتِهِ، فَذَاتُهُ مُوجِبَةٌ لِعِلْمِهِ وَلِكَوْنِهِ عَالِمًا، [وَمَعْنَى كَوْنِهَا مُوجِبَةً لِذَلِكَ أَيْ مُسْتَلْزِمَةً لَهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَكُونُ ذَاتُهُ إِلَّا عَالِمَةً، لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا أَبْدَعَتِ الْعِلْمَ أَوْ فَعَلَتْهُ] (٦) ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْمَعْنَيَيْنِ قَالَ: لَا يَكُونُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ، وَهُوَ عَالِمٌ قَطْعًا فَلَهُ عِلْمٌ، فَهُوَ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ، وَيَسْتَدِلُّ بِكَوْنِهِ عَالِمًا عَلَى الْعِلْمِ، وَيَقُولُ: إِنَّ ذَاتَهُ أَوْجَبَتْ ذَلِكَ - لَا أَنَّهُ هُنَا شَيْءٌ غَيْرُ ذَاتِهِ - جَعَلَتْهُ عَالِمًا أَوْ جَعَلَتْ لَهُ عِلْمًا، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهَا أَوْجَبَتْهُ بِوَاسِطَةٍ فَمُوجِبُ الْمُوجَبِ مُوجِبٌ، كَمَا أَنَّهَا أَوْجَبَتْ كَوْنَهُ حَيًّا وَكَوْنَهُ عَالِمًا، وَالْعِلْمُ مَشْرُوطٌ بِالْحَيَاةِ، فَلَا (٧) يُقَالُ: إِنَّهُ يَفْتَقِرُ فِي كَوْنِهِ عَالِمًا إِلَى غَيْرِهِ،


(١) ن، م: عَالِمًا بِذَاتِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ب، ا: وَإِذَا.
(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) ب، ا، ن، م: الثَّامِنُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) ب: فَصْلَ ; أ: فَضْلَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(٦) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(٧) ب، ا: وَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>