للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُثْبِتِيهِ (١) إِنَّمَا يُحْدِثُ أَعْرَاضًا وَصِفَاتٍ (٢) ، وَإِلَّا فَالْجَوَاهِرُ بَاقِيَةٌ وَلَكِنِ اخْتَلَفَ تَرْكِيبُهَا، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِحَالَةُ.

فَمُثْبِتَةُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ يَقُولُونَ: لَا تَسْتَحِيلُ حَقِيقَةٌ إِلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى، وَلَا تَنْقَلِبُ الْأَجْنَاسُ، بَلِ الْجَوَاهِرُ يُغَيِّرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَرْكِيبَهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَالْأَكْثَرُونَ يَقُولُونَ بِاسْتِحَالَةِ بَعْضِ الْأَجْسَامِ إِلَى بَعْضٍ، وَانْقِلَابِ جِنْسٍ إِلَى جِنْسٍ، وَحَقِيقَةٍ إِلَى حَقِيقَةٍ، كَمَا تَنْقَلِبُ النُّطْفَةُ إِلَى عَلَقَةٍ، وَالْعَلَقَةُ (إِلَى) (٣) مُضْغَةٍ، وَالْمُضْغَةُ عِظَامًا، وَكَمَا يَنْقَلِبُ الطِّينُ الَّذِي خَلَقَ (اللَّهُ) (٤) مِنْهُ آدَمَ لَحْمًا وَدَمًا وَعِظَامًا، وَكَمَا تَنْقَلِبُ الْمَادَّةُ الَّتِي تُخْلَقُ مِنْهَا الْفَاكِهَةُ ثَمَرًا (٥) وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَالْأَطِبَّاءِ وَأَكْثَرِ الْعُقَلَاءِ.

وَكَذَلِكَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا تَمَاثُلُ الْأَجْسَامِ، فَأُولَئِكَ يَقُولُونَ: الْأَجْسَامُ مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَهِيَ مُتَمَاثِلَةٌ، فَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ. وَالْأَكْثَرُونَ يَقُولُونَ: بَلِ الْأَجْسَامُ مُخْتَلِفَةُ الْحَقَائِقِ، وَلَيْسَتْ حَقِيقَةُ التُّرَابِ حَقِيقَةَ النَّارِ، وَلَا حَقِيقَةُ النَّارِ حَقِيقَةَ الْهَوَاءِ. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ عَقْلِيَّةٌ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ مَنْشَأِ النِّزَاعِ فِي مُسَمَّى الْجِسْمِ.

وَالنُّظَّارُ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ (٦) - فِيمَا أَعْلَمُ - عَلَى أَنَّ الْجِسْمَ يُشَارُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ مُرَكَّبًا مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَرِدَةِ، أَوْ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، أَوْ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا.


(١) ب، أ: مُثْبِتَتِهِ.
(٢) ع، أ: وَصِفَاتًا.
(٣) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(٤) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(٥) ب، أ: تَمْرًا.
(٦) أ: يَخْتَلِفُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>