للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُ كُلُّ مِنْ لَهُ عِلْمٌ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ (١) أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ تَكْذِيبًا لِلرَّسُولِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَبْعَدُ عَنْ مُتَابَعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كُفَّارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامُ عَلَى مَجَامِعِ مَا يُعْرَفُ بِهِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ هَذَا مِنْ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتِلَافِهِمْ.

فَإِذَا عُرِفَ تَنَازُعُ النُّظَّارِ فِي حَقِيقَةِ الْجِسْمِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَيْسَ مُرَكَّبًا مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَلَا مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، وَلَا يَقْبَلُ سُبْحَانَهُ التَّفْرِيقَ وَالِانْفِصَالَ (٢) وَلَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فَاجْتَمَعَ، بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.

فَهَذِهِ الْمَعَانِي الْمَعْقُولَةُ مِنَ التَّرْكِيبِ كُلُّهَا مُنْتَفِيَةٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّ الْمُتَفَلْسِفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُمْ تُزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَتَقُولُ: (٣) إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ كَانَ مُرَكَّبًا، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ لَيْسَتْ هِيَ مُجَرَّدَ الْوُجُودِ كَانَ مُرَكَّبًا.

فَيَقُولُ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ الْمُثْبِتُونَ لِلصِّفَاتِ: النِّزَاعُ لَيْسَ فِي لَفْظِ " الْمُرَكَّبِ "، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَكَّبٍ رَكَّبَهُ غَيْرُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَاقِلًا لَا يَقُولُ: (٤) إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُرَكَّبٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَفْظُ " الْمُرَكَّبِ " عَلَى مَا كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ مُتَفَرِّقَةً فَجُمِعَ: إِمَّا جَمْعَ


(١) ب، أ: كُلُّ مَنْ عَلِمَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ.
(٢) ب، أ: وَالِاتِّصَالَ.
(٣) ع: وَيَقُولُونَ.
(٤) ب، أ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ فُلَانًا يَقُولُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>