للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْمَوْضِعَ، وَمَنْ شَرَعَ فِي تَقْرِيرِ مَا ذَكَرَهُ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمَمْنُوعَةِ (١) ، شُرِعَ مَعَهُ فِي نَقْضِهَا وَإِبْطَالِهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ.

وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فِي مَوْضِعٍ، وَبُيِّنَ أَنَّ مَا تَنْفِيهِ نُفَاةُ الصِّفَاتِ الَّتِي نَطَقَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي (٢) عُلُوِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِمَا ذَكَرُوهُ (٣) كِتَابُ اللَّهِ وَلَا سُنَّةُ رَسُولِهِ (٤) ، وَلَا قَالَ بِقَوْلِهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَلَا الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَمْ يَدُلَّ (٥) عَلَيْهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ، بَلِ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّرِيحَةُ مُوَافِقَةٌ لِلْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ ضَلُّوا بِأَلْفَاظٍ مُتَشَابِهَةٍ ابْتَدَعُوهَا، وَمَعَانٍ عَقْلِيَّةٍ لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ حَقِّهَا وَبَاطِلِهَا.

وَجَمِيعُ الْبِدَعِ: كَبِدَعِ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، لَهَا شُبَهٌ فِي نُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ، بِخِلَافِ بِدَعٍ (٦) الْجَهْمِيَّةِ النُّفَاةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَهُمْ فِيهَا دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ أَصْلًا، وَلِهَذَا كَانَتْ آخِرَ الْبِدَعِ حُدُوثًا فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمَّا حَدَثَتْ (أَطْلَقَ) السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ (٧) الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ أَهْلِهَا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ تَعْطِيلُ الْخَالِقِ، وَلِهَذَا يَصِيرُ مُحَقِّقُوهُمْ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ. (٨) فِرْعَوْنَ مُقَدَّمِ الْمُعَطِّلَةِ، بَلْ وَيَنْتَصِرُونَ لَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ


(١) ب، أ: الْمُسَوِّغَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) ب (فَقَطْ) : مِنْ.
(٣) ب: لَمْ يَنْطِقْ بِهِ ; أ: لَمْ يَنْطِقْ بِهَا.
(٤) ب، أ: كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ.
(٥) ب، أ: فَلَمْ يَدُلَّ.
(٦) ب، أ: بِدْعَةِ.
(٧) ب: وَلَمَا أَحْدَثَتِ السَّلَفُ وَالْأُمَّةُ ; أ: وَلَمَا أَحْدَثَتِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ.
(٨) قَوْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>