للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا، وَلَكِنْ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَهَذَا أَمْرٌ لُغَوِيٌّ لَا تَقْسِيمٌ عَقْلِيٌّ.

وَهُنَاكَ تَقْسِيمٌ عَقْلِيٌّ: تَقْسِيمُ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ الْعَامِّ، مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَقْسَامِ. وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَخْلُصُ مِنْ هَذَا بِأَنْ يَجْعَلَ (١) لَفْظَ الْوُجُودِ مُشَكِّكًا لِكَوْنِ (٢) الْوُجُودِ الْوَاجِبِ أَكْمَلَ، كَمَا يُقَالُ: فِي لَفْظِ " السَّوَادِ " وَ " الْبَيَاضِ " الْمَقُولِ عَلَى سَوَادِ الْقَارِ وَسَوَادِ الْحَدَقَةِ وَبَيَاضِ الثَّلْجِ وَبَيَاضِ الْعَاجِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَعَانِيَ الْكُلِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ مُتَفَاضِلَةً فِي مَوَارِدِهَا، بَلْ أَكْثَرُهَا كَذَلِكَ، وَتَخْصِيصُ هَذَا الْقِسْمِ بِلَفْظِ الْمُشَكِّكِ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ. وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْمُتَوَاطِئِ (٣) لِأَنَّ وَاضِعَ اللُّغَةِ لَمْ يَضَعِ اللَّفْظَ الْعَامَّ بِإِزَاءِ التَّفَاوُتِ الْحَاصِلِ لِأَحَدِهِمَا، بَلْ بِإِزَاءِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالنِّزَاعُ فِي هَذَا لَفْظِيٌّ، فَالْمُتَوَاطِئَةُ الْعَامَّةُ تَتَنَاوَلُ الْمُشَكِّكَةَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاطِئَةُ الَّتِي تَتَسَاوَى مَعَانِيهَا فَهِيَ قَسِيمُ الْمُشَكِّكَةِ، وَإِذْ جُعِلَتِ الْمُتَوَاطِئَةُ نَوْعَيْنِ: مُتَوَاطِئًا (٤) عَامًّا وَخَاصًّا، كَمَا جُعِلَ الْإِمْكَانُ نَوْعَيْنِ: عَامًّا وَخَاصًّا، زَالَ اللَّبْسُ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ قَوْلَ جُمْهُورِ الطَّوَائِفِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ


(١) ب، أ، ن، م: جَعَلَ.
(٢) ب، أ: كَكَوْنِ.
(٣) ع، ن: التَّوَاطِي.
(٤) ع، ن، م: تَوَاطِئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>