(٢) ب، أ: قَبْلَ.(٣) ع: فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ. وَفِي (ع) فَوْقَ عِبَارَةِ " فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ " إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ حَيْثُ كُتِبَ التَّعْلِيقُ التَّالِي: " قُلْتُ: وَالْعَجَبُ أَنَّ الشَّارِحَ ابْنَ تَيْمِيَّةَ مَعَ تَبَحُّرِهِ وَتَتَبُّعِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِأَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ أَخْطَأَ بِهَذَا، إِذِ التَّجَهُّمُ كَانَ أَقْدَمَ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ بِكَثِيرٍ. وَكَانَ مِنْ وِلَادَةِ إِمَامِنَا أَبِي حَنِيفَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَوَفَاتِهِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدِ اشْتُهِرَ مَذْهَبُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ التِّرْمِذِيِّ فِي عَهْدِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَصَدَّى الْمُنَاظَرَةَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ مُتَّبِعِي جَهْمٍ وَالْمُوَافِقَةُ مَعَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَظَنِّي أَنَّهُ فَشَا هَذَا الْمَذْهَبُ فِي أَوَاخِرِ الْمِائَةِ الْأُولَى، فَمَذْهَبُ الْخَوَارِجِ وَالِاعْتِزَالِ ظَهَرَا وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ فِي الْحَيَاةِ، مِثْلُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، حَتَّى تَصَدَّى لِرَدِّ الْخَوَارِجِ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَتَصَدَّى لِرَدِّ الِاعْتِزَالِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا. فَبَعْدَ مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ فَشَا هَذَا الْمَذْهَبُ، لَعَلَّ ذَلِكَ سَنَةَ سِتِّينَ، إِذْ ظَهَرَ لَهُ أَشْيَاعٌ وَأَتْبَاعٌ حَتَّى تَصَدَّى الْمُنَاظَرَةَ وَالْمُوَافَقَةُ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ مُتَّبِعِيهِ، حَتَّى ذُكِرَ فِي الطَّبَقَاتِ أَنَّ وَاحِدَةً مِنَ النِّسْوَةِ مِنْ شِيعَتِهِ تَصَدَّتْ لِإِلْزَامِ الْإِمَامِ ادِّعَاءَ الِاسْتِقَامَةِ لِمَذْهَبِ جَهْمٍ وَفَسَادَ مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ، فَأَظْهَرَتْ تَشْنِيعَاتٍ قَبِيحَةً عَلَى وَجْهِ الْإِمَامِ، وَنُسِبَتْ إِيَّاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى الْعَظَائِمِ. وَغَايَةُ الْكَلَامِ مِنْ طَرَفِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مُوَافِقَةٌ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ لَهُمْ، مَعَ مَا يُخَالِفُهُمْ مُخَالَفَةً بَيِّنَةً فِي الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَكَذَا يُخَالِفُهُمْ فِي أَنَّ أَفْعَالَهُ تَعَالَى مُعَلَّلَةٌ بِالْأَغْرَاضِ، إِذِ الْجَهْمِيَّةُ عَلَى الْجَبْرِ الْمَحْضِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلَلِ وَالْأَغْرَاضِ فِي أَفْعَالِهِ تَعَالَى ". قُلْتُ: وَابْنُ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ إِنَّ الْجَهْمِيَّةَ حَدَثَتْ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْجَهْمِيَّةِ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ (الْمَقْتُولُ نَحْوَ سَنَةِ ١١٨) وَإِنَّمَا صَارَ لِلْجَهْمِيَّةِ ظُهُورٌ وَشَوْكَةٌ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ. وَانْظُرْ كَلَامَهُ فِي " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " ٥/٢٤٤ - ٢٤٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute