للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي النُّسَّاكِ قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَبْلُغُ بِهِمْ إِلَى مَنْزِلَةٍ (١) تَزُولُ عَنْهُمُ الْعِبَادَاتُ، وَتَكُونُ الْأَشْيَاءُ الْمَحْظُورَاتُ عَلَى غَيْرِهِمْ - مِنَ الزِّنَا وَغَيْرِهِ - مُبَاحَاتٍ لَهُمْ.

وَفِيهِمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَبْلُغُ بِهِمْ إِلَى أَنْ يَرَوُا اللَّهَ (٢) ، وَيَأْكُلُوا (٣) مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَيُعَانِقُوا (٤) الْحُورَ الْعِينَ فِي الدُّنْيَا وَيُحَارِبُوا الشَّيَاطِينَ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْعِبَادَةَ تَبْلُغُ بِهِمْ [إِلَى] (٥) أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ".

[قُلْتُ: هَذِهِ الْمَقَالَاتُ الَّتِي (٦) حَكَاهَا الْأَشْعَرِيُّ - وَذَكَرُوا أَعْظَمَ مِنْهَا - مَوْجُودَةٌ فِي النَّاسِ قَبْلَ هَذَا الزَّمَانِ. وَفِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِحُلُولِهِ فِي الصُّوَرِ الْجَمِيلَةِ، وَيَقُولُ إِنَّهُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَمْرَدِ يُشَاهِدُ مَعْبُودَهُ أَوْ صِفَاتِ مَعْبُودِهِ أَوْ مَظَاهِرَ جَمَالِهِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَسْجُدُ لِلْأَمْرَدِ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الْعَامِّ، لَكِنَّهُ يَتَعَبَّدُ بِمَظَاهِرِ الْجَمَالِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ اللَّذَّةِ لَهُ، فَيَتَّخِذُ إِلَهَهُ هَوَاهُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْفَقْرِ وَالتَّصَوُّفِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ يَرَى اللَّهَ مُطْلَقًا وَلَا يُعَيِّنُ الصُّورَةَ الْجَمِيلَةَ. بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْمَوَاضِعَ الْمُخْضَرَّةَ خَطَا عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اخْضَرَّتْ مِنْ وَطْئِهِ عَلَيْهَا، وَفِي


(١) ع، ن، م: مَنْزِلٍ.
(٢) الْمَقَالَاتِ: تَبْلُغُ بِهِمْ أَنْ يَرَوُا اللَّهَ سُبْحَانَهُ.
(٣) ع: وَيَأْكُلُونَ. وَانْظُرِ الْمَقَالَاتِ (ط. رُيْتَرَ) ١/٢٨٩ (ت ٤) .
(٤) ع: وَيُعَانِقُونَ.
(٥) إِلَى: فِي (ع) ، " الْمَقَالَاتِ ".
(٦) فِي الْأَصْلِ (ع) : الَّذِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>