للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَنْتَ لَمْ تَذَكُرْ حُجَّةً عَلَى إِبْطَالِهِ، فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى النَّاسِ بِمَذَاهِبِهِمْ (١) ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى إِبْطَالِهِ (٢) ، وَجُمْهُورُ الْخَلْقِ (٣) عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَلْفِظُ بِلَفْظِ " الْجِهَةِ " فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ بِقُلُوبِهِمْ [وَيَقُولُونَ] (٤) بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّ (٥) رَبَّهُمْ فَوْقُ، وَيَقُولُونَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ فُطِرُوا عَلَيْهِ وَجُبِلُوا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيُّ (٦) لِبَعْضِ


(١) ب: فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ ; أ: فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ.
(٢) ب، أ: إِلَى بُطْلَانِهِ.
(٣) ب، أ: وَجُمْهُورُ الْخَلَفِ.
(٤) وَيَقُولُونَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٥) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٦) ن، م: أَبُو الْفَضْلِ الْهَمْدَانِيُّ ; ب، أ: أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ. وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ فِي " الْعِبَرِ " ٤/٨٥ فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ ٥٣١: " أَبَا جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظَ الصَّدُوقَ. رَحَلَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ النَّقُّورِ وَأَبِي صَالِحٍ الْمُؤَذِّنِ وَالْفَضْلِ بْنِ الْمُحِبِّ وَطَبَقَتِهِمْ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: مَا أَعْرِفُ أَنَّ فِي عَصْرِهِ أَحَدًا سَمِعَ أَكْثَرَ مِنْهُ. تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ " وَنَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي " شَذَرَاتِ الذَّهَبِ " ٤/٩٧ وَزَادَ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ نَاصِرُ الدِّينِ: كَانَ حَافِظًا مِنَ الْمُكْثِرِينَ "، كَمَا نَقَلَ بَعْضَهُ الْيَافِعِيُّ فِي " مِرْآةِ الْجِنَانِ " ٣/٢٥٩، وَلَكِنَّهُمَا جَعَلَا نِسْبَتَهُ: الْهَمْدَانِيَّ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي " الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ " ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ الْعِبَارَةَ كَمَا يَلِي: " كَمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ لِأَبِي الْمَعَالِي. . . إِلَخْ ". وَقَدْ وَرَدَ فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ " لِلسُّبْكِيِّ وَفِي تَرْجَمَةِ الْجُوَيْنِيِّ فِي كِتَابِ " مُخْتَصَرِ الْعُلُوِّ لِلْعَلِيِّ الْغَفَّارِ " لِلذَّهَبِيِّ (ط. الْمَكْتَبِ الْإِسْلَامِيِّ، دِمَشْقَ، ١/١٤٠١ \ ١٩٨١ (بِتَحْقِيقِ الْأَلْبَانِيِّ) مَا يُثْبِتُ أَنَّ الْحِوَارَ التَّالِيَ دَارَ بَيْنَ الْجُوَيْنِيِّ وَبَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيِّ ; فَفِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ "، ٥/١٩٠: ". . . عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْحَافِظِ الْهَمَذَانِيِّ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيَّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فَقَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَا عَرْشَ، وَجَعَلَ يَتَخَبَّطُ فِي الْكَلَامِ، فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ فَهَلْ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ مِنْ حِيلَةٍ؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَمَا تَعْنِي بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ؟ قُلْتُ: مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ يَا رَبَّاهُ إِلَّا قَبْلَ أَنْ يَتَحَرَّكَ لِسَانُهُ قَامَ مِنْ بَاطِنِهِ قَصْدٌ لَا يَتَلَفَّتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً يَقْصِدُ الْفَوْقِيَّةَ. فَهَلْ لِهَذَا الْقَصْدِ الضَّرُورِيِّ عِنْدَكَ مِنْ حِيلَةٍ؟ فَبَيِّنْهَا نَتَخَلَّصْ مِنَ الْفَوْقِ وَالتَّحْتِ. وَبَكَيْتُ وَبَكَى الْخَلْقُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى السَّرِيرِ وَصَاحَ بِالْحَيْرَةِ وَخَرَقَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ قِيَامَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَنَزَلَ وَلَمْ يُجِبْنِي إِلَّا بِتَأْفِيفِ الدَّهْشَةِ وَالْحَيْرَةِ، وَسَمِعْتُ بَعْدَ هَذَا مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: حَيَّرَنِي الْهَمَذَانِيُّ، انْتَهَى ". وَانْظُرْ: مُخْتَصَرَ الْعُلُوِّ لِلْعَلِيِّ الْغَفَّارِ، ص ٢٧٦ - ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>