للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَادِرًا إِلَّا حِينَ الْفِعْلِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُدْرَةَ لَا تَصْلُحُ لِلضِّدَّيْنِ عِنْدَهُمْ (١) فَإِنَّ الْقُدْرَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذَلِكَ الْفِعْلِ، وَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهُ لَا تُوجَدُ بِدُونِهِ، إِذْ لَوْ صَلَحَتْ لِلضِّدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ أَمْكَنَ وُجُودَهَا مَعَ عَدَمِ (٢) أَحَدِ الضِّدَّيْنِ، وَالْمُقَارِنُ لِلشَّيْءِ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ (٣) لَا يُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِ، فَإِنَّ وُجُودَ (٤) الْمَلْزُومُ بِدُونِ اللَّازِمِ مُمْتَنِعٌ، وَمَا قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ [فَهُوَ] بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ (٥) الْفَاسِدِ، وَهُوَ أَنَّ إِقْدَارَ اللَّهِ الْمُؤْمِنَ (٦) وَالْكَافِرَ وَالْبَرَّ وَالْفَاجِرَ سَوَاءٌ، فَلَا يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ خَصَّ الْمُؤْمِنَ (٧) الْمُطِيعَ بِإِعَانَةٍ حَصَّلَ بِهَا الْإِيمَانَ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ إِعَانَتَهُ لِلْمُطِيعِ (٨) وَالْعَاصِي سَوَاءٌ، وَلَكِنَّ هَذَا بِنَفْسِهِ رَجَّحَ الطَّاعَةَ ; وَهَذَا بِنَفْسِهِ رَجَّحَ الْمَعْصِيَةَ. كَالْوَالِدِ الَّذِي أَعْطَى (٩) كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ ابْنَيْهِ (١٠) سَيْفًا، فَهَذَا جَاهَدَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا قَطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ، أَوْ أَعْطَاهُمَا مَالًا، فَهَذَا أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهَذَا أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُطِيعِ [الْمُؤْمِنِ] (١١) نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ خَصَّهُ بِهَا دُونَ


(١) عِنْدَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(٢) عَدَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) فَقَطْ.
(٣) ب، أ: الْمُسْتَلْزِمُ لَهُ.
(٤) م فَقَطْ: فَإِنْ وُجِدَ.
(٥) ن: وَهَذَا قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ، م: وَهَذَا قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِمْ.
(٦) ع: وَهُوَ إِقْدَارُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ.
(٧) الْمُؤْمِنَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٨) ب، أ: إِعَانَةَ الْمُطِيعِ.
(٩) ب، أ: يُعْطِي.
(١٠) م فَقَطْ: كُلًّا مِنْ وَلَدَيْهِ.
(١١) الْمُؤْمِنِ: زِيَادَةٌ فِي (ب) ، (أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>