للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِصَاصُ الْفَاعِلِ بِالْفِعْلِ تَرْجِيحًا لِأَحَدِ (١) الْمِثْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَذَلِكَ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالضَّرُورَةِ. وَهُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ إِثْبَاتَ الصَّانِعِ، فَإِنْ قَدَحُوا فِي ذَلِكَ انْسَدَّ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ إِثْبَاتِ الصَّانِعِ.

وَغَايَتُهُمْ أَنْ قَالُوا: الْقَادِرُ الْمُخْتَارُ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجِّحٍ، كَالْجَائِعِ وَالْخَائِفِ. وَهَذَا فَاسِدٌ، فَإِنَّهُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْأَسْبَابِ (٢) الْمُوجِبَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَمْتَنِعُ الرُّجْحَانُ.

وَأَيْضًا فَقَوْلُ الْقَائِلِ: يُرَجِّحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، إِنْ كَانَ لِقَوْلِهِ " يُرَجِّحُ " مَعْنَى زَائِدٌ عَلَى وُجُودِ الْفِعْلِ (٣) فَذَاكَ هُوَ السَّبَبُ الْمُرَجِّحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى زَائِدٌ، كَانَ حَالُ الْفِعْلِ قَبْلَ وُجُودِ الْفِعْلِ (٤) كَحَالِهِ (٥) عِنْدَ الْفِعْلِ (٦) ، ثُمَّ الْفِعْلُ حَصَلَ فِي إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى (٧) بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهَذَا (٨) مُكَابَرَةٌ لِلْعَقْلِ.

فَلَمَّا كَانَ أَصْلُ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّ فَاعِلَ الطَّاعَاتِ وَتَارِكَهَا كِلَاهُمَا فِي الْإِعَانَةِ وَالْإِقْدَارِ سَوَاءٌ، امْتَنَعَ عَلَى أَصْلِهِمْ (٩) أَنْ يَكُونَ مَعَ الْفِعْلِ قُدْرَةٌ تَخُصُّهُ (١٠) ;


(١) ب، أ: تَرْجِيحَ أَحَدِ.
(٢) ع، أ، ب: فَإِنَّهُ مَعَ الْأَسْبَابِ.
(٣) ع، أ، ب، فَإِنَّهُ مَعَ الْأَسْبَابِ
(٤) سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، وَالْعِبَارَةُ الْأَخِيرَةُ فِي (ع) فِيهَا. . كَانَ حَالُ الْفِعْلِ قَبْلَ وُجُودِ الْفِعْلِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) ب، أ: لِحَالِهِ.
(٦) م فَقَطْ: كَحَالِهِ بَعْدَ وُجُودِ الْفِعْلِ.
(٧) ب: أَحَدُ الْحَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ; أ: إِحْدَى الْحَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ ; م: أَحَدُ الْحَالَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، ع: إِحْدَى الْحَالَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى.
(٨) ب، أ: فَهَذَا.
(٩) م فَقَطْ: امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ.
(١٠) ب: أَنْ تَكُونَ الْقُدْرَةُ مَعَ الْفِعْلِ قُدْرَةً تَخُصُّهُ ; أ: أَنْ يَكُونَ الْقُدْرَةَ مَعَ الْفِعْلِ قُدْرَةً تَخُصُّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>