للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى تُقَارِنُ هَذِهِ (١) ، مِثْلَ جَعْلِ الْفَاعِلِ مُرِيدًا، فَإِنَّ الْفِعْلَ لَا يَتِمُّ (٢) إِلَّا بِقُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ.

وَالِاسْتِطَاعَةُ الْمُقَارِنَةُ لِلْفِعْلِ تَدْخُلُ فِيهَا الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ، بِخِلَافِ الْمَشْرُوطَةِ فِي التَّكْلِيفِ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِرَادَةُ، وَاللَّهُ تَعَالَى (٣) يَأْمُرُ بِالْفِعْلِ مَنْ لَا يُرِيدُهُ، لَكِنْ لَا يَأْمُرُ بِهِ مَنْ لَوْ (٤) أَرَادَهُ لَعَجَزَ عَنْهُ (٥) .

وَهَذَا الْفُرْقَانُ هُوَ فَصْلُ الْخِطَابِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَهَكَذَا أَمْرُ النَّاسِ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ (٦) يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِمَا لَا يُرِيدُهُ الْعَبْدُ، لَكِنْ لَا يَأْمُرُهُ بِمَا يَعْجَزُ عَنْهُ الْعَبْدُ. وَإِذَا اجْتَمَعَتِ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ وَالْقُوَّةُ التَّامَّةُ (٧) لَزِمَ وُجُودُ الْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسْتَلْزِمُ لِلْفِعْلِ مُقَارِنًا لَهُ، لَا يَكْفِي تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يُقَارِنْهُ، فَإِنَّهُ الْعِلَّةُ التَّامَّةُ لِلْفِعْلِ، وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ، لَا تَتَقَدَّمُهُ. وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ شَرْطٌ فِي وُجُودِ الْفِعْلِ [وَكَوْنَ الْفَاعِلِ قَادِرًا] ، وَالشَّرْطُ فِي وُجُودِ الشَّيْءِ [الَّذِي بِهِ الْقَادِرُ يَكُونُ قَادِرًا] لَا يَكُونُ [الشَّيْءُ] مَعَ عَدَمِهِ بَلْ مَعَ وُجُودِهِ (٨) ، [وَإِلَّا فَيَكُونُ الْفَاعِلُ (٩) فَاعِلًا حِينَ لَا يَكُونُ قَادِرًا، أَوْ غَيْرُ (١٠) الْقَادِرِ لَا يَكُونُ قَادِرًا] (١١) .


(١) ب، أ: هَذَا.
(٢) لَا يَتِمُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٣) ب، أ: فَاللَّهُ تَعَالَى ; ن، م: وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ.
(٤) لَوْ سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٥) ب (فَقَطْ) : فَعَجَزَ عَنْهُ.
(٦) ب، أ: فَالْإِنْسَانُ ; ن، م: وَالْإِنْسَانُ.
(٧) م (فَقَطْ) : وَالْإِرَادَةُ التَّامَّةُ.
(٨) ن، م: شَرْطٌ فِي وُجُودِ الْفِعْلِ، وَالشَّرْطُ فِي وُجُودِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ مَعَ عَدَمِهِ بَلْ مَعَ وُجُودِهِ.
(٩) ب، أ: وَلَا يَكُونُ الْفَاعِلُ.
(١٠) أ، ب: وَغَيْرُ.
(١١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>