للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَنِ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى الرُّسُلِ مُقِرًّا بِأَنَّ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَيْسَ مَعَهُ بِهِ عِلْمٌ، [وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ] (١) ، وَمَنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مُبْطِلًا فِي كَلَامِهِ، وَمَنِ احْتَجَّ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَتْ حُجَّتُهُ دَاحِضَةً، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ الْعِلْمَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَ الْحَقَّ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ الْحَقَّ وَيَدَعَ هَوَاهُ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحْتَجَّ بِالْقَدَرِ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَمَنْ أَضَلَّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ.

وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ انْقِطَاعًا لَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ سَائِغًا (٢) ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ بَاطِلًا بُطْلَانًا ضَرُورِيًّا مُسْتَقِرًّا (٣) فِي [جَمِيعِ] (٤) الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا السُّؤَالُ مُتَوَجِّهًا، وَذَلِكَ (٥) أَنَّهُ (٦) مِنَ الْمُسْتَقِرِّ فِي فِطَرِ النَّاسِ وَعُقُولِهِمْ أَنَّهُ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلٌ مِنَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ (٧) لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَنْ طَلَبَ دِينًا لَهُ (٨) عَلَى آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أُعْطِيكَ (٩) حَتَّى يَخْلُقَ اللَّهُ فِيَّ الْعَطَاءَ، وَمَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِأَمْرٍ (١٠) لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا أَفْعَلُهُ حَتَّى يَخْلُقَ اللَّهُ فِيَّ فِعْلَهُ، وَمَنِ


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) ن، م: سَابِقًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ع: مُتَقَرِّرًا.
(٤) جَمِيعِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ب (فَقَطْ) : وَلِذَلِكَ.
(٦) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَاتِ تَحْرِيفٌ فِي (ن) ، (م) .
(٧) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَاتِ تَحْرِيفٌ فِي (ن) ، (م) .
(٨) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٩) ب، أ: مَا أُعْطِيكَ.
(١٠) ب (فَقَطْ) : بِشَيْءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>