للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يُنَاقِضُ وُقُوعَ الْعَذَابِ بِمَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْلُقْ فِيكَ الْإِيمَانَ فَأَنْتَ مِمَّنْ يُعَاقِبُهُ، وَإِنْ جَعَلَكَ مُؤْمِنًا فَأَنْتَ مِمَّنْ يُسْعِدُهُ (١) وَنَحْنُ رُسُلٌ مُبَلِّغُونَ لَكَ مُنْذِرُونَ لَكَ، فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الرَّسُولِ (٢) وَبُلِّغَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ، وَإِنَّمَا الْمُكَلَّفُ يُخَاصِمُ رَبَّهُ حَيْثُ أَمَرَهُ بِمَا لَمْ يُعِنْهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّسُولِ وَلَا يَضُرُّهُ (٣) ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنْ يُقَالَ هَذَا السُّؤَالُ وَارِدٌ عَلَى (هَذَا) الْمُصَنِّفِ (٤) وَعَلَى غَيْرِهِ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا أَبَا الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيَّ (٥) حَيْثُ قَالَ إِنَّهُ مَعَ وُجُودِ الدَّاعِي وَالْقُدْرَةِ يَجِبُ وُجُودُ الْمَقْدُورِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاعِيَ فِي الْعَبْدِ. وَقَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ وَمُتَّبِعِيهِ فِي الْقَدَرِ (٦) وَهُوَ قَوْلُ مُحَقِّقِي أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قُدْرَةَ الْعَبْدِ وَإِرَادَتَهُ، وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِخَلْقِهِ (٧) فِعْلَ الْعَبْدِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِفِعْلِهِ حَقِيقَةً (وَمُحْدِثٌ لِفِعْلِهِ) (٨) ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُ فَاعِلًا لَهُ (٩) مُحْدِثًا لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ


(١) ب، أ: أَسْعَدُهُ.
(٢) ب، أ: الرِّسَالَةِ.
(٣) ع: وَلَا يَضُرُّهُ شَيْئًا.
(٤) ب، أ: عَلَى الْمُصَنِّفِ.
(٥) وَهُوَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّيِّبُ الْبَصْرِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ٤٣٦ هـ، سَبَقَ الْكَلَامُ عَنْهُ ١/٣٩٥، ٢/١٢٥، ٢٨٣.
(٦) فِي الْقَدَرِ: لَيْسَتْ فِي (ع) .
(٧) ب، أ: لِحَقِيقَةٍ.
(٨) وَمُحْدِثٌ لِفِعْلِهِ: فِي (ع) فَقَطْ.
(٩) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>