للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْلَقَ؟ قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً (١) قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ".» (٢) .

فَهَذَا الْحَدِيثُ ظَنَّ فِيهِ (٣) طَوَائِفُ أَنَّ آدَمَ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى الذَّنْبِ، وَأَنَّهُ حَجَّ مُوسَى بِذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَدَّعُونَ التَّحْقِيقَ وَالْعِرْفَانَ يَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ عَلَى الذُّنُوبِ مُسْتَدِلِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ: الِاحْتِجَاجُ بِهَذَا سَائِغٌ (٤) فِي الْآخِرَةِ لَا فِي الدُّنْيَا، [وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ: هُوَ حُجَّةٌ لِلْخَاصَّةِ الْمُشَاهِدِينَ لِلْقَدَرِ دُونَ الْعَامَّةِ] (٥) ، وَطَائِفَةٌ كَذَّبَتْ هَذَا الْحَدِيثَ (٦) كَالْجُبَّائِيِّ وَغَيْرِهِ، وَطَائِفَةٌ تَأَوَّلَتْهُ تَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةٍ (٧) مِثْلَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إِنَّمَا حَجَّهُ لِأَنَّهُ كَانَ


(١) ب: فَكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى. قَالَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، أ: فَبِكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ; ع: فَبِكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبٌ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ; ن، م: فَكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ. قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتَهُ.
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ ٩/١٤٨ (كِتَابُ التَّوْحِيدِ بَابُ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) مُسْلِمٍ ٤/٢٠٤٢ - ٢٠٤٤ (كِتَابُ الْقَدَرِ بَابُ حِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى) ، سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ (الْمُقَدِّمَةُ بَابٌ فِي الْقَدَرِ، ١/٣١ - ٣٢ الْمُسْنَدَ ط الْمَعَارِفِ ١٣، ١٧٧، ١٤/٢٣، ٥٦، ٢٤٥، وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٤/٣١١، ٣١٢ (كِتَابُ السُّنَّةِ بَابٌ فِي الْقَدَرِ) .
(٣) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٤) ب: الِاسْتِدْلَالُ بِهِ سَائِغٌ، أ: الِاسْتِدْلَالُ بِهِ شَائِعٌ ; ن: الِاحْتِجَاجُ بِهِ سَائِغٌ ; م: الِاحْتِجَاجُ سَائِغٌ.
(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) ، (ن) .
(٦) م، ن: وَطَائِفَةٌ كَذَّبَتْ بِهِ ; ع: وَطَائِفَةٌ كَذَّبَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
(٧) ب، أ: تَأْوِيلًا فَاسِدًا، وَنَقَلَ مُسْتَجَى زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) ، كَلَامَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ ((وَطَائِفَةٌ كَذَّبَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ)) وَيَنْتَهِي عِنْدَ هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ عَلَّقَ قَائِلًا: قُلْتُ: وَذَلِكَ دَأْبُ الْقَدَرِيَّةِ إِذَا وَرَدَ حَدِيثٌ يُخَالِفُ قَوَاعِدَهُمُ الَّتِي اخْتَرَعُوهَا يَرُدُّونَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَيُنْكِرُونَ وُرُودَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ: الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، أَوْ يُؤَوِّلُونَهُ. وَمَنْشَأُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْأَدِلَّةِ النَّقْلِيَّةِ، فَشَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى سَعْيَ أَهْلِ الْحَقِّ، وَأَيَّدَهُمْ وَنَصَرَهُمْ حَيْثُ لَا يَرُدُّونَ حَدِيثًا ثَبَتَ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِاسْتِبْعَادِ عُقُولِهِمُ، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا شَذَّ مِنَ الْمَاتُرِيدِيَّةِ، لَكِنَّ الْأَشَاعِرَةَ وَالْحَنَابِلَةَ سُدَاهُمْ وَلُحْمَتُهُمْ قَبُولُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْبِتِينَ عَنْ إِنْكَارِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِعُقُولِهِمْ وَقِيَاسَاتِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>