للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَمِّ الْقَدَرِيَّةِ تَتَنَاوَلُ هَؤُلَاءِ أَعْظَمَ مِنْ تَنَاوُلِهَا الْمُنْكِرِينَ لِلْقَدَرِ تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ وَتَنْزِيهًا عَنِ الظُّلْمِ، وَلِهَذَا يَقْرِنُونَ (١) الْقَدَرِيَّةَ بِالْمُرْجِئَةِ لِأَنَّ الْمُرْجِئَةَ تُضْعِفُ أَمْرَ الْإِيمَانِ وَالْوَعِيدِ (٢) ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ تُضْعِفُ أَمْرَ اللَّهِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَوَعِيدِهِ، وَمَنْ فَعَلَ هَذَا كَانَ مَلْعُونًا فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ كَمَا رُوِيَ: لُعِنَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا.

وَالْخَائِضُونَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ (٣) ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الْمُكَذِّبُونَ بِهِ، وَالدَّافِعُونَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ [بِهِ] (٤) ، وَالطَّاعِنُونَ عَلَى الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ بِجَمْعِهِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالْقَدَرِ، وَهَؤُلَاءِ شَرُّ الطَّوَائِفِ وَيُحْكَى (٥) فِي ذَلِكَ مُنَاظَرَةٌ عَنْ إِبْلِيسَ وَالدَّافِعُونَ بِهِ لِلْأَمْرِ (٦) بَعْدَهُمْ فِي الشَّرِّ، وَالْمُكَذِّبُونَ بِهِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ.

وَأَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ تَغْلِيظَ السَّلَفِ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ فَإِنَّمَا ذَاكَ لِأَنَّ الدَّافِعِينَ لِلْأَمْرِ لَمْ يَكُونُوا يَتَظَاهَرُونَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَكُونُوا مَوْجُودِينَ كَثِيرِينَ، وَإِلَّا فَهُمْ شَرٌّ مِنْهُمْ، كَمَا أَنَّ الرَّوَافِضَ شَرٌّ مِنَ الْخَوَارِجِ فِي الِاعْتِقَادِ، وَلَكِنَّ الْخَوَارِجَ أَجْرَأُ عَلَى السَّيْفِ وَالْقِتَالِ مِنْهُمْ، فَلِإِظْهَارِ الْقَوْلِ وَمُقَاتَلَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ (٧) جَاءَ فِيهِمْ مَا لَا يَجِيءُ فِيمَنْ هُمْ (٨) مِنْ جِنْسِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ.


(١) أ، ب: يُقَرِّبُونَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٢) أ، ب:. . . . . . . . بِالْمُرْجِئَةِ بِضَعْفِ أَمْرِ الْإِيمَانِ وَالْوَعِيدِ.
(٣) ع، أ: وَالْخَائِضُونَ بِالْقَدَرِ فِي الْبَاطِلِ.
(٤) بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٥) أ، ب: وَحَكَى.
(٦) أ، ب: وَالدَّافِعُونَ وَلِلْأَمْرِ بِهِ ; ن، م: فَالدَّافِعُونَ بِهِ لِلْأَمْرِ.
(٧) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٨) أ، ب: فِيمَنْ هُوَ، م: فِي غَيْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>