للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: إِنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَّا ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ، (١) فَإِنَّ النَّافِيَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ كَمَا عَلَى الْمُثْبِتِ الدَّلِيلُ، (٢) وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى النَّفْيِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثِ: أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ دَلَالَةَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ، بَلْ دَلَالَةُ الْمُعْجِزَةِ (٣) عَلَى الصِّدْقِ دَلَالَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ، فَإِنَّ اقْتِرَانَ الْمُعْجِزَةِ (٤) بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ يُوجِبُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَهَا لِصِدْقِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِمَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ: إِنْ كُنْتَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى هَؤُلَاءِ فَانْقُضْ عَادَتَكَ وَقُمْ وَاقْعُدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الْمَلِكُ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَصْدِيقِهِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ (٥) لَوْ لَمْ تَدُلَّ الْمُعْجِزَةُ (٦) عَلَى الصِّدْقِ لَلَزِمَ عَجْزُ الْبَارِئِ عَنْ تَصْدِيقِ رَسُولِهِ، وَالْعَجْزُ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَى التَّصْدِيقِ إِلَّا بِالْمُعْجِزَةِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِمَا، وَالْأُولَى طَرِيقَةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْمَعَالِي وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَكِلَاهُمَا طَرِيقَةٌ لِلْأَشْعَرِيِّ (٧) وَعَلَى هَذَا فَإِظْهَارُ الْمُعْجِزَةِ (٨) عَلَى يَدِ الْكَذَّابِ الْمُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ: هَلْ هُوَ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ أَمْ لَا؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: إِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ صَدَّقَهُ


(١) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٢) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) ع: الْمُعْجِزِ.
(٤) ع، م: الْمُعْجِزِ.
(٥) ن: أَنَّ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ ; م: أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ يَقُولُ.
(٦) ن، م: لَوْ لَمْ يَدُلَّ الْمُعْجِزُ.
(٧) ع، ن، م: طَرِيقَةُ الْأَشْعَرِيِّ.
(٨) م فَقَطْ: الْمُعْجِزِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>