للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَّقُونَ وَيَفْسُقُونَ وَيَصْدُقُونَ وَيَكْذِبُونَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ (١) ، وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمُ اسْتِطَاعَةً وَقُوَّةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.

وَأَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ (٢) هَذَا كُلِّهِ. وَالْخَلْقُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ هُوَ الْمَخْلُوقَ، فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ كَوْنِ أَفْعَالِ (٣) الْعِبَادِ مَخْلُوقَةً مَفْعُولَةً لِلرَّبِّ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ (٤) نَفْسُ فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ فِعْلٍ يَفْعَلُ فِعْلًا، فَإِنَّهَا فِعْلٌ لِلْعَبْدِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَلَيْسَتْ فِعْلًا لِلرَّبِّ [تَعَالَى] (٥) بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، بَلْ هِيَ مُفَعْوِلَةٌ لَهُ، وَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يَتَّصِفُ بِمَفْعُولَاتِهِ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ الشَّنَاعَاتِ لَزِمَتْ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ فِعْلِ الرَّبِّ وَمَفْعُولِهِ، وَيَقُولُ مَعَ ذَلِكَ إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلٌ لِلَّهِ (٦) ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْجَهْمُ [بْنُ صَفْوَانَ] (٧) وَمُوَافِقُوهُ، وَالْأَشْعَرِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ (٨) وَلِهَذَا ضَاقَ بِهَؤُلَاءِ (٩) الْبَحْثُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَزِمَتْ مَنْ لَا يُثْبِتُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ (١٠) أَسْبَابًا وَقُوًى وَطَبَائِعَ، وَيَقُولُ (١١) : إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا، فَلَزِمَهُ (١٢) أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ بَيْنَ الْقَادِرِ


(١) كَثِيرَةٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٢) أ، ب: خَلَقَ.
(٣) أَفْعَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٤) ب (فَقَطْ) : تَكُونَ.
(٥) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٦) ب (فَقَطْ) : فِعْلُ اللَّهِ.
(٧) بْنُ صَفْوَانَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٨) ع: وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ، ن، م: وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ.
(٩) أ، ب: لِهَؤُلَاءِ.
(١٠) ع (فَقَطْ) : لِلْمَخْلُوقَاتِ.
(١١) أ، ب: وَيَقُولُونَ.
(١٢) أ، ب: فَلَزِمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>