للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ شَيْءٍ، وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، مَعَ دَوَامِ قَادِرِيَّةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، بَلْ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا أَفْعَالًا تَقُومُ بِنَفْسِهِ (١) .

وَأَقْوَالُ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ (٢) وَأَسَاطِينِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ أَرِسْطُو تُوَافِقُ (٣) قَوْلَ هَؤُلَاءِ، بِخِلَافِ أَرِسْطُو (٤) وَأَتْبَاعِهِ الَّذِينَ قَالُوا بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ (٥) ، فَإِنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ (٦) .

وَأَيْضًا فَإِنَّ كَوْنَ الْمَفْعُولِ الْمُعَيَّنِ لَازِمًا لِلْفِعْلِ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ دَائِمًا بِدَوَامِهِ (٧) مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الْفَاعِلَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فَكَيْفَ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؟ .


(١) ع: أَفْعَالًا لَا تَقُومُ بِنَفْسِهِ، م: فِعَالًا بَعْدُ تَقُومُ بِنَفْسِهِ.
(٢) أ، ب: وَأَقْوَالُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْفَلَاسِفَةِ، ن، م: وَأَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ.
(٣) ب، ع: يُوَافِقُونَ، ن: يُوَافِقُ، أ: يُوَافِقُوا.
(٤) ع: قَبْلَ أَرِسْطُو.
(٥) ن، م، ع: الْفَلَكِ.
(٦) ن: وَبِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَكَتَبَ مُسْتَجَى زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا يَلِي: ((وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَسْتَانِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الْكَلَامِ الْمُسَمَّى " بِنِهَايَةِ الْإِقْدَامِ " عَنِ الْحُكَمَاءِ الْأَقْدَمِينَ قَبْلَ أَرِسْطُو أَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ أَحْدَثَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ. وَهَؤُلَاءِ مِثْلَ سُقْرَاطَ وَتَالِيثَ الْمَلَطِيِّ وَأَفْلَاطُونَ وَأَنْدُقِيسَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَسَاطِينِ الْحِكْمَةِ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ فِي " الْأَبْكَارِ "، وَحَكَى الْإِمَامُ فِي الْأَرْبَعِينَ عَنْ سُقْرَاطَ سَبَبَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى وَانْحِلَالِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، وَأَنْ تَمُورَ السَّمَاوَاتُ مَوْرًا، وَتَسِيرَ الْجِبَالُ سَيْرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرِسْطُو وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ بَيْنِ الْحُكَمَاءِ لَهُ الْغُلُوُّ التَّامُّ وَالْمُبَالَغَةُ الْأَكِيدَةُ فِي إِنْكَارِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ قِدَمِهَا مَعَ زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا النُّبُوَّاتِ وَالشَّرَائِعَ، مَعَ أَنَّهُ أَصْعَبُ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ مَعَ ادِّعَاءِ قِدَمِ الْعَالَمِ. وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ مُخَالِفًا لِمَا قَالَهُ هَاهُنَا، حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: إِنَّ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعَهُ لَمْ يَقُولُوا بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَإِنَّمَا اخْتَرَعَ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا، وَمَا قَالَهُ هُنَاكَ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَمَا قَالَهُ هَاهُنَا هُوَ الْوَاقِعُ)) . قُلْتُ: وَكَلَامُ مُسْتَجَى زَادَهْ عَنِ الشَّارِحِ (وَيَقْصِدُ بِهِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ) غَيْرُ صَحِيحٍ. فَابْنُ تَيْمِيَّةَ لَا يَقُولُ إِلَّا أَنَّ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعَهُ يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ.
(٧) أ، ب: كَائِنًا بِدَوَامِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>