للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجْمَلٌ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ وَالطَّاعَةَ عَمَلٌ وَعَرَضٌ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ (١) ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ، وَهِيَ قَائِمَةٌ بِالْعَبْدِ لَا مَحَالَةَ، وَلَيْسَتْ قَائِمَةً بِاللَّهِ [تَبَارَكَ وَتَعَالَى] (٢) بِلَا رَيْبٍ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ يُقَالُ: هُوَ مِنَ اللَّهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ خَلَقَهُ بَائِنًا عَنْهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَامَ بِهِ وَاتَّصَفَ بِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] (٣) : {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [سُورَةُ الْجَاثِيَةِ: ١٣] (٤) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [سُورَةُ النَّحْلِ: ٥٣] .

وَاللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ خَالِقًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَإِنَّهُ خَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الَّتِي بِاعْتِبَارِهَا كَانَ فِعْلُهُ حَسَنًا مُتْقَنًا، كَمَا قَالَ: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: ٧] وَقَالَ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [سُورَةُ النَّمْلِ: ٨٨] فَلِهَذَا لَا يُضَافُ إِلَيْهِ الشَّرُّ مُفْرَدًا، بَلْ إِمَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعُمُومِ، وَإِمَّا أَنْ يُضَافَ إِلَى السَّبَبِ، وَإِمَّا أَنْ يُحْذَفَ فَاعِلُهُ.

فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِ [اللَّهِ تَعَالَى] (٥) {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: ٦٢] وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [سُورَةُ الْفَلَقِ: ١، ٢] وَالثَّالِثُ كَقَوْلِهِ فِيمَا حَكَاهُ عَنِ الْجِنِّ: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [سُورَةُ الْجِنِّ: ١٠] وَ [قَدْ]


(١) أ، ب: بِغَيْرِ، وَفِي (ع) وَالطَّاعَةُ عَرَضٌ. . . إِلَخْ.
(٢) تَبَارَكَ وَتَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٣) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٤) آيَةُ سُورَةِ الْجَاثِيَةِ لَيْسَتْ فِي (ع) .
(٥) ن، م، ع: كَقَوْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>