للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ أَفْعَالُ الْعِبَادِ، وَلَا يَتَّصِفُ بِهَا، وَلَا تَعُودُ إِلَيْهِ أَحْكَامُهَا، الَّتِي تَعُودُ إِلَى مَوْصُوفَاتِهَا. وَكَوْنُ الرَّبِّ هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا وَجَعَلَهَا عَمَلًا لِغَيْرِهِ بِخَلْقِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ وَمَشِيئَتِهِ (١) وَفِعْلِهِ جِهَةً لَا تَصْلُحُ لِلْعَبْدِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ، وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ: إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ، وَهِيَ فِعْلُ الْعَبْدِ وَإِذَا قِيلَ هِيَ فِعْلُ (٢) اللَّهِ فَالْمُرَادُ أَنَّهَا (٣) مُفَعْوِلَةٌ لَهُ، [لَا أَنَّهَا] (٤) هِيَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ.

وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْمَخْلُوقِ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ [الْإِمَامِ] (٥) أَحْمَدَ (٦) وَهُوَ قَوْلُ [ابْنَيْهِ يَعْنِي ابْنَيِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى] (٧) : الْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ (٨) وَ [الْقَاضِي] أَبِي الْحُسَيْنِ (٩) وَغَيْرِهِمَا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يَظْلِمَ عَبْدَهُ وَيُؤَاخِذَهُ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، [فَنَحْنُ] (١٠) نَقُولُ بِمُوجِبِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَظْلِمْ عَبْدَهُ وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ


(١) ن، م: يَخْلُقُ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ وَقُدْرَتَهُ.
(٢) سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٣) ع، أ: بِهَا.
(٤) لَا أَنَّهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) الْإِمَامِ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٦) عَلَّقَ مُسْتَجِي زَادَهْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِقَوْلِهِ: قُلْتُ كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ " الْأَشْعَرِيَّ وَمَنْ تَابَعَهُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: التَّكْوِينُ عَيْنُ الْمُكَوَّنِ وَالْخَلْقُ عَيْنُ الْمَخْلُوقِ.
(٧) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ، وَفِي (ن) ، (م) : وَهُوَ قَوْلُ ابْنَيِ الْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ. . . إِلَخْ.
(٨) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: الْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ.
(٩) ن، م: وَأَبِي الْحُسَيْنِ.
(١٠) فَنَحْنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>