للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُدْرَتِهِ عَلَى الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَطَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ (١) ، لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ لَحَنِثَ (٢) لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ (٣) الْحَلِفِ عَلَى فِعْلٍ مَأْمُورٍ إِذَا عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [سُورَةُ يُونُسَ: ٩٩] مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَلَمْ يَشَأْهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٢٥] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ ضَلَالَهُ (٤) وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْهُ (٥) بِالضَّلَالِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: طَرِيقَةُ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ (٦) وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْإِرَادَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَوْعَانِ: إِرَادَةٌ (٧) تَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ، وَإِرَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ. فَالْإِرَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَمْرِ أَنْ يُرِيدَ مِنَ الْعَبْدِ فِعْلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ (٨) وَأَمَّا إِرَادَةُ الْخَلْقِ فَأَنْ يُرِيدَ مَا يَفْعَلُهُ هُوَ. فَإِرَادَةُ الْأَمْرِ هِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِلْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا وَهِيَ الْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ. وَالثَّانِيَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ (٩) بِالْخَلْقِ هِيَ الْمَشِيئَةُ وَهِيَ الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ الْقَدَرِيَّةُ.


(١) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٢) أ، ب: يَحْنَثُ.
(٣) سَائِرُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) ن، م: إِضْلَالَهُ.
(٥) أ، ب، ع: لَمْ يَأْمُرْ.
(٦) أ، ب: الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ.
(٧) ع، ن، م: نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إِرَادَةٌ.
(٨) ع: مَا أَمَرَ بِهِ ; أ، ب: مَا أَمَرَهُ.
(٩) ب فَقَطْ: وَالْإِرَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>