للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِرَادَةُ (١) الْعَامَّةُ، قَالُوا: إِنَّ الرَّبَّ لَا يُحِبُّ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا يُحَبُّ، وَتَأَوَّلُوا مَحَبَّتَهُ [تَعَالَى] (٢) لِعِبَادِهِ بِإِرَادَتِهِ (٣) ثَوَابَهُمْ وَمَحَبَّتَهُمْ لَهُ بِإِرَادَةِ طَاعَتِهِمْ (٤) لَهُ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَ [مِنْهُمْ] طَائِفَةٌ (٥) كَثِيرَةٌ قَالُوا: هُوَ مَحْبُوبٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ، وَلَكِنَّ مَحَبَّتَهُ لِغَيْرِهِ بِمَعْنَى مَشِيئَتِهِ.

وَأَمَّا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ [وَأَئِمَّةُ] أَهْلِ (٦) الْحَدِيثِ [وَأَئِمَّةُ] (٧) التَّصَوُّفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ، فَأَقَرُّوا بِأَنَّهُ مَحْبُوبٌ لِذَاتِهِ، بَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ لِذَاتِهِ إِلَّا هُوَ.

وَهَذَا (٨) حَقِيقَةُ الْأُلُوهِيَّةِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ (٩) وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهَ مَعْبُودًا لِذَاتِهِ، وَلَا أَثْبَتَ التَّلَذُّذَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَلَا أَنَّهُ أَحَبُّ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مِنْ أَقْوَالِ الْخَارِجِينَ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْمُنْكِرِينَ لِكَوْنِ اللَّهِ هُوَ الْمَعْبُودُ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَلِهَذَا لَمَّا ظَهَرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ قُتِلَ مَنْ أَظْهَرُهُ، وَهُوَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ يَوْمَ الْأَضْحَى، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِرِضَا عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ: " ضَحُّوا أَيُّهَا


(١) أ، ب، ع: الْمَشِيئَةُ.
(٢) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٣) أ، ب: بِإِرَادَةِ.
(٤) ن، م، ع: طَاعَتِهِ.
(٥) ن، م: وَطَائِفَةٌ.
(٦) وَأَئِمَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَ " أَهْلِ " سَاقِطَةٌ مِنَ (أ) ، (ب) .
(٧) وَأَئِمَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (م) .
(٨) ع: وَهَذِهِ.
(٩) ن، م: وَالْأُلُوهِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>