للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِبَادَهُ، وَمَا أَصَابَهُمْ [بِهِ] (١) مِنَ الْعُقُوبَاتِ، فَبِذُنُوبِهِمْ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ (٢) .

وَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ أَجْمَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ.

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحِكْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى عِلْمِهِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَإِيقَاعِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَلَمْ يُثْبِتُوا إِلَّا الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ وَالْقُدْرَةَ.

وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَغَيْرُهُمْ: بَلْ هُوَ حَكِيمٌ فِي خَلْقِهِ، وَأَمْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ لَيْسَتْ مُطْلَقَ الْمَشِيئَةِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مُرِيدٍ حَكِيمًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِرَادَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَحْمُودَةٍ وَمَذْمُومَةٍ، بَلِ الْحِكْمَةُ [تَتَضَمَّنُ] (٣) مَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مِنَ الْعَوَاقِبِ الْمَحْمُودَةِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْبُوبَةِ، وَالْقَوْلُ بِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ. فَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ فِي أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ. (٤) فِي ذَلِكَ


(١) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) م، أ، ب: مَوْضِعٌ آخَرُ. وَانْظُرْ مَثَلًا رِسَالَتَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ " نَشَرَهَا الشَّيْخُ حَامِدٌ الْفِقِيُّ تَحْتَ عُنْوَانِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَمَوْقِفِ الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ شَذَرَاتِ الْبِلَاتِينِ، ص ١٦٥/٢٩٢، الْقَاهِرَةِ، ١٣٧٥/١٩٥٦.
(٣) تَتَضَمَّنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٤) أ، ب: يَتَنَازَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>