للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَلَ أَمْرًا فَأَمَرَهُ بِهِ، وَالْآمِرُ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَفْسَدَةِ لَهُ، لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا (١) .

فَظَهَرَ بُطْلَانُ مَا ذَكَرَهُ هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ. وَكَذَلِكَ مَنْ نَهَى غَيْرَهُ عَمَّا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا، فَإِنَّهُ [قَدْ] (٢) يَكُونُ مَفْسَدَةً لِذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلنَّاهِي. فَالْمَرِيضُ الَّذِي يَشْرَبُ الْمُسَهِّلَاتِ إِذَا نَهَى ابْنَهُ (٣) الصَّغِيرَ عَنْ شُرْبِهَا لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا.

وَالْحَاوِي (٤) الَّذِي يُرِيدُ إِمْسَاكَ الْحَيَّةِ إِذَا نَهَى ابْنَهُ عَنْ إِمْسَاكِهَا لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا، وَالسَّابِحُ فِي الْبَحْرِ إِذَا نَهَى الْعَاجِزَ عَنِ السِّبَاحَةِ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا، وَالْمَلِكُ الَّذِي خَرَجَ لِقِتَالِ عَدُوِّهِ إِذَا نَهَى نِسَاءَهُ عَنِ الْخُرُوجِ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا، وَنَظَائِرُ هَذَا لَا تُحْصَى (٥) .

[وَلَوْ نَهَى النَّاهِي غَيْرَهُ عَنْ فِعْلِ مَا يَضُرُّهُ فِعْلُهُ نُصْحًا لَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ مَصْلَحَةُ النَّاهِي (٦) أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ بِهِ؛ حُمِدَ عَلَى فِعْلِهِ، وَحُمِدَ عَلَى نُصْحِهِ، كَمَا يُوجَدُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ مَنْ يَنْصَحُونَهُ عَنْ فِعْلِ أَشْيَاءَ، وَقَدْ يَطْلُبُونَ فِعْلَهَا مِنْهُمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ.


(١) ن، ع: سَفَهًا.
(٢) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٣) ابْنَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) ع: وَالْحَوَى، أ، ب: وَالْحِوَاءُ، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ، وَالْحَاوِي: صَاحِبُ الْحَيَّاتِ، وَهُوَ فَاعِلٌ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِ الْحَيَّاتِ حَايٍ فَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ هَذَا الْبِنَاءِ، وَمَنْ قَالَ حَوَّاءٌ فَهُوَ عَلَى بِنَاءِ فَعَّالٍ.
(٥) بَعْدَ عِبَارَةِ لَا تُحْصَى يُوجَدُ سَقْطٌ فِي (ن) سَأُشِيرُ إِلَى نِهَايَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
(٦) أ، ب: إِذَا كَانَ مَصْلَحَةً لِلنَّاهِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>