للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْهُ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْحِكْمَةَ قَالَ: لَهُ فِي أَنْ لَا يُحْدِثَ هَذَا حِكْمَةً، كَمَا لَهُ فِي سَائِرِ مَا لَمْ يُحْدِثْهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي إِحْدَاثِ هَذَا مَفْسَدَةٌ لِغَيْرِ هَذَا الْمَأْمُورِ أَعْظَمُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ (١) ، وَقَدْ يَكُونُ فِي فِعْلِ هَذَا الْمَأْمُورِ تَفْوِيتُ مَصْلَحَةٍ أَعْظَمَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ، وَالْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي يُقَدِّمُ أَعْلَى (٢) الْمَصْلَحَتَيْنِ، وَيَدْفَعُ أَعْظَمَ الْمَفْسَدَتَيْنِ.

وَلَيْسَ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْلَمُوا تَفْصِيلَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ يَكْفِيهِمُ الْعِلْمُ الْعَامُّ وَالْإِيمَانُ التَّامُّ (٣) .

وَمَنْ جَعَلَ الْإِرَادَةَ نَوْعًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ [قَوْلُهُ] (٤) مَرْجُوحًا، فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ نُفَاةِ الْقَدَرِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ (٥) الْإِرَادَةَ وَالْمَشِيئَةَ وَالْمَحَبَّةَ شَيْئًا وَاحِدًا، وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَكُونُ مَا لَا يَشَاؤُهُ (٦) [وَيَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ] (٧) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ: السَّفَهُ إِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْأَغْرَاضُ، وَالْأَغْرَاضُ (٨) مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْحَاجَةِ إِلَى الْغَيْرِ وَلِلنَّقْصِ (٩) بِدُونِهَا، وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ مُمْتَنِعٌ، وَهِيَ فِي حَقِّ اللَّهِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلتَّسَلْسُلِ وَقِيَامِ الْحَوَادِثِ بِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عِنْدَ هَذَا الْخَصْمِ.

فَإِذَا كَانَتِ الْمُعْتَزِلَةُ - وَالشِّيعَةُ الْمُوَافِقُونَ لَهُمْ - يُسَلِّمُونَ هَذِهِ الْأُصُولَ


(١) ن: أَعْظَمُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لَهُ.
(٢) ن: أَغْلَى.
(٣) أ: الْعِلْمُ التَّامُّ وَالْإِيمَانُ التَّامُّ ; ع: الْعِلْمُ الْعَامُّ وَالْإِيمَانُ الْعَامُّ.
(٤) قَوْلُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٥) ن، ع: الَّذِينَ جَعَلُوا.
(٦) ن: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَا لَا يَشَاؤُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٧) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(٨) ن، ع، أ: الْأَعْرَاضُ وَالْأَعْرَاضُ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(٩) ن، ع: وَالنَّقْصُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>