للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى [مُنَزَّهٌ] (١) عَنْ ذَلِكَ، وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ مَنْهِيٌّ، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ.

فَهَذِهِ (٢) الْقَضِيَّةُ إِنْ أَخَذْتُمُوهَا كُلِّيَّةً يَدْخُلُ فِيهَا الْخَالِقُ، مَنَعَنَا الْإِجْمَاعُ (٣) الْمَحْكِيُّ عَنِ الْعُقَلَاءِ. وَإِنْ أَخَذْتُمُوهَا فِي الْمَخْلُوقِ لِتَقِيسُوا بِهِ الْخَالِقَ، كَانَ هَذَا قِيَاسًا فَاسِدًا، فَلَا يَصِحُّ مَعَكُمْ هَذَا الْقِيَاسُ، لَا عَلَى أَنَّهُ قِيَاسُ شُمُولٍ وَلَا عَلَى أَنَّهُ قِيَاسُ تَمْثِيلٍ.

وَقَدْ أَجَابَهُمُ الْأَشْعَرِيُّ بِجَوَابٍ آخَرَ (٤) ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَمْرَ الْإِنْسَانِ بِمَا لَا يُرِيدُهُ (٥) سَفَهٌ (٦) مُطْلَقًا، بَلْ قَدْ يَكُونُ حِكْمَةً، إِذَا كَانَ مَقْصُودُهُ امْتِحَانَ الْمَأْمُورِ لِيُبَيِّنَ (٧) عُذْرَهُ عِنْدَ النَّاسِ فِي عِقَابِهِ، مِثْلَ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَبْدٌ يَعْصِيهِ فَيُعَاقِبُهُ، فَيُلَامُ عَلَى عُقُوبَتِهِ، فَيَعْتَذِرُ (٨) بِأَنَّ هَذَا يَعْصِينِي، فَيُطْلَبُ (٩) مِنْهُ تَحْقِيقُ ذَلِكَ، فَيَأْمُرُ أَمْرَ امْتِحَانٍ، وَهُوَ [هُنَا] (١٠) لَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ، بَلْ يُرِيدُ أَنْ يَعْصِيَهُ لِيَظْهَرَ عُذْرُهُ فِي عِقَابِهِ.

وَأَثْبَتَ بِهَذَا أَيْضًا كَلَامَ النَّفْسِ الَّذِي يُثْبِتُهُ، وَأَنَّ الطَّلَبَ الْقَائِمَ بِالنَّفْسِ


(١) مُنَزَّهٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٢) ن: وَهَذِهِ.
(٣) ن: مَنَعَنَا الِاجْتِمَاعُ، أ: مَنَعَتْنَا بِالْإِجْمَاعِ، ب: مَنَعْنَا بِالْإِجْمَاعِ.
(٤) آخَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) أ، ب: بِمَا لَا يُرِيدُ.
(٦) أ، ب: سَفَهًا.
(٧) ن: لِيَتَبَيَّنَ.
(٨) ن: فَيَتَعَذَّرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٩) ن: وَيُطْلَبُ.
(١٠) هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>