للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: الرِّضَا يُشْرَعُ بِمَا يَرْضَى اللَّهُ بِهِ، وَاللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ: {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٠٥] ، {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ:] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٠٨] ، وَهَذَا أَمْرٌ مَوْجُودٌ مِنْ أَقْوَالِ الْعِبَادِ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَرْضَاهُ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَهُ كَيْفَ يَأْمُرُ الْعَبْدَ بِأَنْ (١) يَرْضَاهُ؟ بَلِ الْوَاجِبُ أَنَّ الْعَبْدَ يَسْخَطُ مَا يَسْخَطُهُ اللَّهُ (٢) ، وَيُبْغِضُ مَا يُبْغِضُهُ (٣) اللَّهُ، وَيَرْضَى بِمَا يَرْضَاهُ اللَّهُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٢٨] فَذَمَّ (٤) مَنِ اتَّبَعَ مَسَاخِطَهُ (٥) وَكَرِهَ مَرَاضِيَهُ، وَلَمْ يَذُمَّ مَنْ كَرِهَ مَسَاخِطَهُ وَاتَّبَعَ مَرَاضِيَهُ.

فَإِذَا قَالَ: فَكَيْفَ (٦) يَكُونُ اللَّهُ سَاخِطًا مُبْغِضًا (٧) لِمَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ؟ قِيلَ: نَعَمْ كَمَا تَقَدَّمَ (٨) . أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِينَ [فَلِأَنَّ الْمَقْضِيَّ شَيْءٌ كَوَّنَهُ (٩) ، وَعِنْدَهُمُ الْبُغْضُ مُغَايِرٌ لِلْإِرَادَةِ. وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْأَقَلِّينَ] (١٠) فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ:


(١) أ، ب، ع: أَنْ.
(٢) ن: يَسْخَطُ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ.
(٣) ن، ع: مَا أَبْغَضَهُ.
(٤) أ، ب: وَقَدْ ذَمَّ.
(٥) ن: مَسَاخِطَ اللَّهِ.
(٦) أ، ب: كَيْفَ.
(٧) مُبْغِضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(٨) أ، ب: نَعَمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(٩) أ، ع: شَيْئًا كَوَّنَهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(١٠) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>