للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزَّجْرُ لَيْسَ عَمَّا وَقَعَ وَأُرِيدَ، بَلْ هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى الْمَاضِي وَزَجْرٌ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَالزَّجْرُ الْوَاقِعُ بِإِرَادَتِهِ إِنْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ (١) لَمْ يَحْصُلِ الْمَزْجُورُ عَنْهُ فَلَمْ يُرِدْهُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الزَّجْرَ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا تَامًّا بَلْ يَكُونُ الْمُرَادُ فِعْلَ هَذَا الزَّاجِرِ (٢) وَفِعْلَ ذَاكَ، كَمَا يُرَادُ ضَرْبُ هَذَا لِهَذَا بِهَذَا السَّيْفِ (٣) وَحَيَاةُ هَذَا، وَكَمَا يُرَادُ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ (٤) الَّذِي قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْمَوْتِ، وَيُرَادُ مَعَهُ الْحَيَاةُ.

فَإِرَادَةُ (٥) السَّبَبِ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِإِرَادَةِ الْمُسَبِّبِ، إِلَّا إِذَا كَانَ السَّبَبُ تَامًّا مُوجَبًا. (٦) وَالزَّجْرُ سَبَبٌ لِلِانْزِجَارِ وَالِامْتِنَاعِ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ، كَمَا أَنَّ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ، وَكَمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ وَالتَّرْغِيبَ فِيهِ سَبَبٌ لِوُقُوعِهِ، ثُمَّ قَدْ يَقَعُ الْمُسَبَّبُ (٧) وَقَدْ لَا يَقَعُ، فَإِنْ وَقَعَ كَانَا مُرَادَيْنِ، وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ مَا وَقَعَ خَاصَّةً (٨) .

الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِرَادَةَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ بِمَعْنَى الْمَشِيئَةِ لِمَا خَلَقَ، فَهَذَا مُتَنَاوِلٌ (٩) لِكُلِّ حَادِثٍ دُونَ مَا لَا (١٠) يَحْدُثُ، وَنَوْعٌ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ لِمَا أَمَرَ بِهِ فَهَذَا إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ (١١) بِالطَّاعَاتِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا


(١) أ: بِإِرَادَةِ أَنْ يَحْصُلَ مَقْصُودُهُ.
(٢) أ، ب: الزَّجْرِ.
(٣) ع: لِهَذَا بِالسَّيْفِ.
(٤) أ: الْمَرَضُ لِلْخَوْفِ.
(٥) أ، ب: وَإِرَادَةُ.
(٦) أ، ب: مَوْجُودًا.
(٧) أ: السَّبَبُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٨) ع: خَاصَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(٩) ع: فَهَذِهِ مُتَنَاوِلَةٌ.
(١٠) ع: مَا لَمْ.
(١١) ع: فَهَذِهِ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>