للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: بَلِ النُّفَاةُ خَالَفُوا الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ (١) فَإِنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ مُرِيدًا فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا (٢) أَمْرٌ حَادِثٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُحْدِثٌ (٣) وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونُ لَهُ مُحْدِثٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُحْدِثٌ لَزِمَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا مُحْدِثٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُحْدِثٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعَبْدَ أَوِ الرَّبَّ تَعَالَى أَوْ غَيْرَهُمَا.

فَإِنْ كَانَ هُوَ (٤) الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ فِي إِحْدَاثِهِ لِتِلْكَ الْفَاعِلِيَّةِ كَالْقَوْلِ فِي إِحْدَاثِ أَحْدَاثِهَا، وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ، وَهُوَ هُنَا بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَقُومَ بِهِ حَوَادِثُ لَا أَوَّلَ لَهَا.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ اللَّهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْعَبْدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الْخَالِقُ لِكَوْنِ الْعَبْدِ مُرِيدًا فَاعِلًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ بِهَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ فَيَقُولُونَ (٥) : إِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ وَاللَّهُ خَلَقَهُ فَاعِلًا (٦) وَالْعَبْدُ مُرِيدٌ مُخْتَارٌ وَاللَّهُ جَعَلَهُ مُرِيدًا مُخْتَارًا.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ ٢٩، ٣٠] وَقَالَ تَعَالَى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سُورَةُ التَّكْوِيرِ ٢٨، ٢٩] .


(١) ع: الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ.
(٢) فَاعِلًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٣) لَهُ مُحْدِثٌ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٤) هُوَ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٥) ع: بِهَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَبِذَلِكَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ فَيَقُولُونَ.
(٦) أ: وَاللَّهُ خَالِقُهُ فَاعِلٌ، ب: وَاللَّهُ خَالِقُ فِعْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>