للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحُجَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا هَذَا الْإِمَامِيُّ مَذْكُورَةٌ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ (١) وَهِيَ صَحِيحَةٌ كَمَا أَنَّ الْأُخْرَى صَحِيحَةٌ فَيَجِبُ الْقَوْلُ (٢) بِهِمَا جَمِيعًا، [مَعَ أَنَّ جُمْهُورَ (٣) الْقَدَرِيَّةِ يَقُولُونَ: الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْعَبْدِ مُحْدِثًا لِأَفْعَالِهِ نَظَرِيٌّ لَا ضَرُورِيٌّ، وَهَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ أَبَا الْحُسَيْنِ.

وَأَبُو الْحُسَيْنِ يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّ الْفِعْلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّاعِي وَالْقُدْرَةِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْفِعْلُ، وَهُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، وَلِهَذَا يُعَبِّرُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَحْوِ ذَلِكَ كَأَبِي الْمَعَالِي وَالرَّازِيِّ وَغَيْرِهِمَا.

لَكِنْ إِذَا قِيلَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْأَسْبَابِ.

وَمَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ يَقُولُ: خَلَقَ الْفِعْلَ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْقُدْرَةِ أَثَرًا فِي مَقْدُورِهَا كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ] (٤) .

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ اللَّهُ مُحْدِثًا لَهَا وَالْعَبْدُ مُحْدِثًا لَهَا.

قِيلَ: إِحْدَاثُ اللَّهِ لَهَا بِمَعْنَى أَنْ خَلَقَهَا [مُنْفَصِلَةً عَنْهُ قَائِمَةً بِالْعَبْدِ] (٥) فَجَعَلَ الْعَبْدَ فَاعِلًا لَهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ (٦) الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ [تَعَالَى] ،


(١) ن: مَأْخُوذَةٌ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، م: مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَبِي الْحُسَيْنِ.
(٢) ن، م: فَصَحَّ الْقَوْلُ.
(٣) عِنْدَ عِبَارَةِ مَعَ أَنَّ جُمْهُورَ الْقَدَرِيَّةِ، يُوجَدُ سَقْطٌ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) .
(٤) هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) .
(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) ن، م: بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>