للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْمُثْبِتَةِ (١) لِلْقَدَرِ قَالُوا: إِنَّ " مَا " هَاهُنَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَإِنَّ الْمُرَادَ: خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ أَعْمَالَكُمْ، وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا.

وَالصَّوَابُ أَنَّ " مَا " هَاهُنَا بِمَعْنَى الَّذِي، وَأَنَّ الْمُرَادَ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ (٢) وَالْأَصْنَامَ الَّتِي تَعْمَلُونَهَا.

كَمَا فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ (٣) : " «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهِ» ". (٤)

وَأَنَّهُ (٥) قَالَ: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ - وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: ٩٥، ٩٦] فَذَمَّهُمْ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ مَا يَنْحِتُونَهُ (٦) مِنَ الْأَصْنَامِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَابِدَ وَالْمَعْبُودَ وَالْمَنْحُوتَ.

وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَوْ أُرِيدَ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ


(١) ع: مِنَ الْمُثْبِتِينَ.
(٢) أ، ب: وَأَنَّ الْمُرَادَ: خَلَقَكُمْ.
(٣) قَالَ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٤) الْحَدِيثُ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢ - ١١٦) وَنَقَلَ عَنِ السُّيُوطِيِّ قَوْلَهُ: خ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ ك الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنَعَتِهِ. وَعَلَّقَ الْأَلْبَانِيُّ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَاكِمِ وَابْنِ مَنْدَهْ وَغَيْرِهِمَا: " خَالِقُ "، وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ، وَأَشَارَ إِلَى كَلَامِهِ عَنْهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (١٦٣٧) : ابْنُ مَنْدَهْ. الْمَحَامِلِيُّ. عد. وَالْحَدِيثُ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ لِلْبُخَارِيِّ ص ١٣٧ ضِمْنَ كِتَابِ عَقَائِدِ السَّلَفِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ط الشَّعْبِ ٧ - ٢٢، وَالسُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ٥ - ٢٧٩، وَالْحَدِيثُ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ ص ٢٦ ط مَطْبَعَةِ السَّعَادَةِ، سَنَةَ ١٣٥٨ هـ، الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ ١ - ٣١، ٣٢ وَقَالَ الْحَاكِمُ: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
(٥) أ، ب: فَإِنَّهُ.
(٦) أ، ب: مَا يَتَّخِذُونَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>