للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قَالَ: " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ: " هَاتَانِ أَهْوَنُ» " (١) .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [سُورَةُ يُونُسَ: ٩٩] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [سُورَةُ هُودٍ: ١١٨] ، وَقَالَ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٥٣] وَمِثْلُ هَذَا مُتَعَدِّدٌ فِي الْقُرْآنِ.

وَإِذَا كَانَ لَوْ شَاءَهُ لَفَعَلَهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُ غَيْرِ الْمَقْدُورِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْفِعْلَ لَوْ وُجِدَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ قَادِرًا لَوَقَعَ كُلُّ مَقْدُورٍ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنَ الْإِرَادَةِ.

وَحِينَئِذٍ قَوْلُ الْقَائِلِ: فَقُدْرَةُ الرَّبِّ] (*) (٢) تَفْتَقِرُ إِلَى مُرَجِّحٍ، لَكِنَّ الْمُرَجِّحَ هُوَ إِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِرَادَةُ اللَّهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ إِرَادَةِ الْعَبْدِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَجِّحُ إِرَادَةُ اللَّهِ، كَانَ فَاعِلًا بِاخْتِيَارِهِ لَا مُوجِبًا بِذَاتِهِ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ الْكُفْرُ.

الثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ: مَا تَعْنِي بِقَوْلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ مُوجِبًا بِذَاتِهِ؟ أَتَعْنِي بِهِ (٣) أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِلْأَثَرِ بِلَا قُدْرَةٍ وَلَا إِرَادَةٍ (٤) ، أَوْ تَعْنِي


(١) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْكِتَابِ ٢ - ٢٩٠
(٢) هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ فِي (ن) ، (م) .
(٣) ن، م: بِذَلِكَ.
(٤) أ، ب: بِلَا قُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>