للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ [وَغَيْرِهِمْ] (١) قَوْلَهُمْ: إِنَّ الرَّبَّ مَا زَالَ عَاطِلًا عَنِ الْفِعْلِ حَتَّى أَحْدَثَ الْعَالَمَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا زَالَ وَلَا يَزَالُ مُعَطَّلًا عَنِ الْإِحْدَاثِ، بَلْ عَنِ الْفِعْلِ، فَإِنَّ مَا لَزِمَ ذَاتَهُ كَالْعَقْلِ (٢) وَالْفَلَكِ لَيْسَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ فِعْلًا لَهُ؛ إِذِ الْفِعْلُ لَا يُفْعَلُ (٣) إِلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَأَمَّا مَا لَزِمَ الذَّاتَ (٤) فَهُوَ مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ بِمَنْزِلَةِ لَوْنِ (٥) الْإِنْسَانِ وَطُولِهِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَهُ، بِخِلَافِ حَرَكَاتِهِ (٦) فَإِنَّهَا فِعْلٌ لَهُ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَحَرِّكًا كَمَا يُقَالُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ (٧) : إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَتَحَوَّلُ (٨) مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَإِنَّ الْقَلْبَ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا (٩) - فَكَوْنُ (١٠) الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ فِي نَفْسِهِ يَقُومُ بِهِ فِعْلُهُ (١١) يَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعْقُولٍ، (١٢) بِخِلَافِ مَا لَزِمَهُ لَازِمٌ يُقَارِنُهُ فِي الْأَزَلِ، فَهَذَا لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُثْبِتُونَ لِلرَّبِّ فِعْلًا أَصْلًا، فَهُمْ مُعَطِّلَةٌ حَقًّا


(١) وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٢) أ، ن: كَالْفِعْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ن، م: لَا يَعْقِلُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ن، م: الْإِرَادَاتَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ن، م: كَوْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) ع: تَحَرُّكَاتِهِ.
(٧) ن، م: فِي نَفْسِهِ.
(٨) أ، ب، ن، م: تَتَحَرَّكُ.
(٩) ن، م: عَلْيًا.
(١٠) ب فَقَطْ: يَكُونُ.
(١١) ب فَقَطْ: فَعَلَ.
(١٢) أ: مَفْعُولٍ، ب: مَفْعُولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>