للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ الْآخَرِ أَعَانَهُ بِهَا وَجَعَلَهُ بِهَا قَادِرًا ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ قَبْلَ إِعَانَةِ الْآخَرِ لَهُ قُدْرَةٌ، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا زَادَتْ قُوَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقُوَّةِ الْآخَرِ، بِمَنْزِلَةِ الْيَدَيْنِ اللَّتَيْنِ ضُمَّتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ لَهَا (١) قُوَّةٌ، وَبِالِاجْتِمَاعِ زَادَتْ قُوَّتُهُمَا ; لِأَنَّ هَذَا زَادَ ذَلِكَ تَقْوِيَةً وَذَاكَ زَادَ هَذَا تَقْوِيَةً (٢) فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعْطِيًا لِلْآخَرِ وَآخِذًا مِنْهُ فَزَادَتْ (٣) الْقُوَّةُ بِالِاجْتِمَاعِ.

وَهَذَا مُمْتَنِعٌ فِي الْخَالِقَيْنِ؛ [فَإِنَّ قُدْرَةَ الْخَالِقِ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَفَادَةً مِنْ غَيْرِهِ] (٤) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِنْ كَانَ قَادِرًا عِنْدَ الِانْفِرَادِ أَمْكَنَهُ (٥) أَنْ يَفْعَلَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي فِعْلِهِ مُعَاوَنَةُ الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَفْعَلَ مَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ (٦) أَوْ مَا يُرِيدُ خِلَافَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عِنْدَ الِانْفِرَادِ امْتَنَعَ أَنْ يَحْصُلَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لَهُمَا قُوَّةٌ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الدَّوْرِ ; لِأَنَّ هَذَا لَا يَقْدِرُ حَتَّى يَقْدِرَ ذَاكَ، وَلَا يَقْدِرُ ذَاكَ حَتَّى يَقْدِرَ هَذَا، وَلَيْسَ هُنَا ثَالِثٌ غَيْرُهُمَا يَجْعَلُهُمَا قَادِرَيْنِ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمَا.

وَالْمَخْلُوقَانِ اللَّذَانِ لَا قُدْرَةَ (٧) لَهُمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَا يَحْصُلُ (٨) لَهُمَا قُدْرَةٌ عِنْدَ


(١) أ، ب: لَهُ.
(٢) أ، ب: لِأَنَّ هَذَا زَادَ ذَلِكَ بِقُوَّتِهِ وَذَاكَ زَادَ هَذَا بِقُوَّتِهِ، ن، م: لِأَنَّ هَذَا زَادَ ذَاكَ وَذَاكَ زَادَ هَذَا بِقُوَّتِهِ.
(٣) ن: وَزَادَتْ.
(٤) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ن، م: قَادِرًا عِنْدَ الْآخَرِ إِذَا أَمْكَنَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) أ، ع، ن، م: مَا لَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ.
(٧) ن، م: لَا مَقْدِرَةَ.
(٨) ن، م: وَلَا يَحْصُلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>