للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمَا يُمْكِنُهُ حَالَ الِانْفِرَادِ (١) أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ وَيُرِيدَ خِلَافَ مَا يُرِيدُ الْآخَرُ، وَإِذَا أَرَادَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَقَاوَمَتْ قُدْرَتُهُمَا تَمَانَعَا فَلَمْ يَفْعَلَا شَيْئًا، وَإِنْ قَوِيَ أَحَدُهُمَا قَهَرَ الْآخَرَ، وَإِنْ (٢) لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا قُدْرَةٌ حَالَ الِانْفِرَادِ، لَمْ تَحْصُلْ لَهُ حَالَ الِاجْتِمَاعِ إِلَّا مِنْ غَيْرِهِمَا، مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ لَهُ وُجُودٌ، بَلِ الْمَعْرُوفُ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ الِانْفِرَادِ قُدْرَةٌ مَا (٣) فَتَكْمُلُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ.

وَأَيْضًا فَالْمُشْتَرِكَانِ فِي الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ (٤) لَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ، لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ (٥) بِعَيْنِهِ مُشْتَرَكًا (٦) فِيهِ، بِحَيْثُ يَكُونُ هَذَا فَعَلَهُ وَالْآخَرُ فَعَلَهُ، فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَلَوْ كَانَ رَبَّانِ لَكَانَ مَخْلُوقُ كُلِّ وَاحِدٍ (٧) مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا عَنْ مَخْلُوقِ الْآخَرِ (٨) كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: ٩١] فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ وُجُوبَ امْتِيَازِ الْمَفْعُولَيْنِ، وَوُجُوبَ قَهْرِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ.

فَهَذِهِ الطُّرُقُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا يُبَيِّنُ (٩) بِهَا أَئِمَّةُ النُّظَّارِ (١٠) تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهِيَ طُرُقٌ صَحِيحَةٌ عَقْلِيَّةٌ لَمْ يَهْتَدِ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ إِلَى مَعْرِفَةِ تَوْجِيهِهَا وَتَقْرِيرِهَا.


(١) ب (فَقَطْ) : وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ الِانْفِرَادِ.
(٢) ن، ع: وَإِذَا.
(٣) مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) أ: فَالْمُشْتَرِكُ كَانَ حَالَ الْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ، ب: فَالْمُشْتَرِكَانِ حَالَ الْفِعْلِ فِي الْمَفْعُولِ.
(٥) أ: وَاحِدٌ
(٦) مُشْتَرِكَانِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(٧) وَاحِدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٨) أ، ب: مُمَيَّزًا عَنْ خَلْقِ الْآخَرِ.
(٩) أ: تُبَيِّنُ بِهِ، ب: تُبَيِّنُ بِهَا، ن: بَيَّنَ بِهِ.
(١٠) ن: الْمُتَكَلِّمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>