للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا امْتِنَاعُ اخْتِلَافِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ أَظْهَرُ، فَإِنَّهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ يَحْصُلُ التَّمَانُعُ. وَهَذِهِ الْمَعَانِي كَيْفَمَا عَبَّرْتَ عَنْهَا تَجِدْهَا مَعَانِيَ صَحِيحَةً: يَمْتَنِعُ وُجُودُ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَادِرًا عِنْدَ انْفِرَادِهِ، وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَادِرًا عِنْدَ الِانْفِرَادِ كَانَ (١) لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْلٌ وَمَفْعُولٌ يَخْتَصُّ بِهِ مُنْفَرِدًا عَنِ الْآخَرِ، فَلَا يَكُونَانِ مُتَّفِقَيْنِ فِي كُلِّ فِعْلٍ وَكُلِّ (٢) مَفْعُولٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ أَصْلًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ الْحَادِثَ لَا يَكُونُ مَا يَقُومُ بِأَحَدِهِمَا نَفْسُ مَا يَقُومُ بِالْآخَرِ (٣) ، فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ.

وَالْمَخْلُوقُ الْمُنْفَصِلُ لَا يَكُونُ نَفْسُ أَثَرِ هَذَا فِيهِ هُوَ نَفْسُ أَثَرِ الْآخَرِ فِيهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَثَرَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا فِي الْآخَرِ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُفْتَقِرًا إِلَى الْآخَرِ، فَلَا يَكُونُ قَادِرًا عِنْدَ الِانْفِرَادِ (٤) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ مَفْعُولُ هَذَا لَيْسَ هُوَ مَفْعُولَ الْآخَرِ وَلَا بِلَازِمٍ (٥) لَهُ، فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ اتِّفَاقٌ فِي مَفْعُولٍ وَاحِدٍ أَصْلًا.

وَهَذَا مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَهَابِ كُلِّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ، لَكِنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ (٦) هَذَا أَنَّ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ (٧) مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْآخَرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا ثَالِثٌ غَيْرُهُمَا يُحْدِثُهُمَا (٨) كَمَا فِي


(١) أ، ب: عِنْدَ انْفِرَادِهِ وَكَانَ.
(٢) ن: وَلَا كُلِّ.
(٣) بِالْآخَرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) .
(٤) بَعْدَ كَلِمَةِ الِانْفِرَادِ تُوجَدُ عِدَّةُ أَسْطُرٍ مُعَادَةٌ فِي نُسْخَةِ (ن) .
(٥) ن: وَلَا يُلَازِمُ لَهُ، أ: وَلَا مُلَازِمَ لَهُ، ب: وَلَا مُلَازِمًا لَهُ.
(٦) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٧) وَاحِدٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٨) يُحْدِثُهُمَا سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي (ن) مُحْدِثُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>