للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَنْ قَالَ: قَوْلًا أَصَابَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ، وَأَخْطَأَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ حَتَّى تَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ، بِحَيْثُ جَمَعَ فِيهِ (١) بَيْنَ أَمْرَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ، يَقُولُ [لِمَنْ يُنَاقِضُهُ بِمُقْدِمَةٍ جَدَلِيَّةٍ سَلَّمَهَا لَهُ] (٢) : تَنَاقُضِي (٣) إِنَّمَا (٤) يَدُلُّ عَلَى خَطَئِي فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: إِمَّا الْقَوْلُ الَّذِي سَلَّمْتُهُ لَكَ، وَإِمَّا الْقَوْلُ الَّذِي أَلْزَمْتَنِي بِالْتِزَامِهِ (٥) وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِكَ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ الصَّوَابُ.

فَالْأَشْعَرِيَّةُ (٦) الْعَارِفُونَ بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَبِأَنَّ هَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، وَبِمَا دَلَّ (٧) عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ إِذَا قِيلَ لَهُمُ: الْقَوْلُ بِقِدَمِ الْقُرْآنِ مُمْتَنِعٌ، أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: هُنَا قَوْلَانِ آخَرَانِ لِمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنَ الْقَوْلَيْنِ لَازِمٌ (٨) إِلَّا وَلَازِمُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ أَعْظَمُ فَسَادًا.

فَالْعَاقِلُ لَا يَكُونُ مُسْتَجِيرًا مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ، بَلْ إِذَا انْتَقَلَ يَنْتَقِلُ مِنْ قَوْلٍ مَرْجُوحٍ (٩) إِلَى رَاجِحٍ، وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهُ (١٠) يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ


(١) ن، م: بِهِ.
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَسَقَطَتْ لِمَنْ مِنْ (أ) .
(٣) أ، ب: سَأَقْضِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) ب فَقَطْ: أَنَّ مَا.
(٥) أ، ب: أَلْزَمْتَنِي الْتِزَامَهُ.
(٦) ن، م: وَالْأَشْعَرِيَّةُ.
(٧) ن، م، أ: وَمَا دَلَّ.
(٨) م، أ: وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْلَيْنِ لَازِمٌ.
(٩) ن: بَلْ إِذَا انْتَقَلَ مِنْ مَرْجُوحٍ، م: بَلْ إِذَا انْتَقَلَ انْتَقَلَ مِنْ مَرْجُوحٍ.
(١٠) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>