للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا ذُكِرَ مِنَ الْحُجَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السُّكُونَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ (١) ، (٢ وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ يَصِيرُ فَاعِلًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَتَكُونُ الْحَوَادِثُ غَيْرَ دَائِمَةٍ ٢) (٢) ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ فَسَادَ (٣) هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ ظَاهِرًا، لَا سِيَّمَا وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ يَظْهَرُ صِحَّتُهُمَا (٤) أَوْ صِحَّةُ أَحَدِهِمَا، وَأَيُّهُمَا صَحَّ (٥) أَمْكَنَ مَعَهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ يَقُومُ بِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

قَالَ (٦) الْأَشْعَرِيَّةُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَنَحْنُ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ كَلَامَهُ يَقُومُ بِهِ، فَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، قُلْنَا بِبَعْضِ الْحَقِّ وَتَنَاقَضْنَا، فَكَانَ (٧) هَذَا خَيْرًا مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إِلَّا مَا يَخْلُقُهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِمَا فِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: الْخِطَابُ لِمَعْدُومٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ بِشَرْطِ وُجُودِهِ أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ مِنْ مُتَكَلِّمٍ لَا يَقُومُ بِهِ كَلَامُهُ، وَمِنْ كَوْنِ الرَّبِّ مَسْلُوبَ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَا يَتَكَلَّمُ، وَمِنْ أَنْ (٨) يَخْلُقُ كَلَامًا فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَيْسَ كَلَامًا لِمَنْ خَلَقَهُ فِيهِ (٩) بَلْ لِخَالِقِهِ، وَهُوَ إِذَا خَلَقَ فِي غَيْرِهِ حَرَكَةً كَانَتِ الْحَرَكَةُ حَرَكَةً لِلْمَحَلِّ الْمَخْلُوقَةِ فِيهِ (١٠) لَا لِلْخَالِقِ لَهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ


(١) أ: عَلَى كَوْنِ السُّكُونِ أَمْرًا وُجُودِيًّا، ب: عَلَى كَوْنِ السُّكُوتِ أَمْرًا وُجُودِيًّا.
(٢) (٢ - ٢) فِي (أ) ، (ب) بَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُومُ بِهِ مَا يَكُونُ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَتَكُونُ كَلِمَاتُهُ إِذَا كَانَتْ بِمَشِيئَتِهِ غَيْرَ دَائِمَةٍ.
(٣) أ، ب: أَنَّ نَقِيضَ.
(٤) أ، م: صِحَّتُهَا.
(٥) أ، ب: وَأَيُّهُمَا يَصِحُّ.
(٦) ن، م: وَقَالَتْ.
(٧) أ، ب: وَكَانَ.
(٨) أ، ب: وَمِنْ أَيْنَ.
(٩) أ، ب: لِمَنْ خَلَقَ فِيهِ.
(١٠) ن، م: حَرَكَةَ الْمَحَلِّ الْمَخْلُوقِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>