للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْكِنُ عَزْلُهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهُوَ فَرْقٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ إِذَا وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ لَا يُمْكِنُ عَزْلُهُ إِلَّا بِفِتْنَةٍ، وَمَتَى كَانَ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ بَقَائِهِ، لَمْ يَجُزِ الْإِتْيَانُ بِأَعْظَمِ الْفَسَادَيْنِ (١) لِدَفْعِ أَدْنَاهُمَا، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ.

وَلِهَذَا كَانَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقِتَالَهُمْ بِالسَّيْفِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ (٢) ظُلْمٌ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْقِتَالِ وَالْفِتْنَةِ أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الْحَاصِلِ بِظُلْمِهِمْ بِدُونِ قِتَالٍ (٣) وَلَا فِتْنَةٍ فَلَا يُدْفَعُ أَعْظَمُ الْفَسَادَيْنِ بِالْتِزَامِ أَدْنَاهُمَا (٤) وَلَعَلَّهُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ طَائِفَةً خَرَجَتْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ، إِلَّا وَكَانَ فِي خُرُوجِهَا مِنَ الْفَسَادِ مَا هُوَ (٥) أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي أَزَالَتْهُ.

وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ ظَالِمٍ وَكُلِّ بَاغٍ كَيْفَمَا كَانَ، وَلَا أَمَرَ بِقِتَالِ الْبَاغِينَ ابْتِدَاءً (٦) بَلْ قَالَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: ٩] فَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ (٧) ، ابْتِدَاءً، فَكَيْفَ يَأْمُرُ بِقِتَالِ وُلَاةِ الْأَمْرِ (٨) ابْتِدَاءً؟ .


(١) ن، م: الْفَاسِدَيْنِ.
(٢) ن، م: وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) ن، م، و: اقْتِتَالٍ.
(٤) أ، ب: الْأَدْنَى.
(٥) مَا هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٦) ن: بِاقْتِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً، م: بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً.
(٧) و: الْبَاغِينَ.
(٨) أ، ب: الْأُمُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>