للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهَا بَاطِلٌ بِالنَّصِّ، وَبَعْضُهَا مِمَّا اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى بُطْلَانِهِ (١) ، لَكِنَّ بُطْلَانَ كَثِيرٍ مِنَ الْقِيَاسِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ جَمِيعِهِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ الْكَذِبِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحَدِيثِ لَا يُوجِبُ كَذِبَ جَمِيعِهِ.

وَمَدَارُ الْقِيَاسِ عَلَى أَنَّ الصُّورَتَيْنِ يَسْتَوِيَانِ فِي مُوجَبِ الْحُكْمِ وَمُقْتَضَاهُ (٢) ، فَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْقِيَاسُ صَحِيحًا بِلَا شَكٍّ، وَلَكِنْ قَدْ يَظُنُّ الْقَايِسُ مَا لَيْسَ مَنَاطُ الْحُكْمِ مَنَاطًا فَيَغْلَطُ، وَلِهَذَا كَانَ عُمْدَةُ الْقِيَاسِ عِنْدَ الْقَايِسِينَ عَلَى بَيَانِ تَأْثِيرِ الْمُشْتَرِكِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ جَوَابَ سُؤَالِ الْمُطَالَبَةِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْوَصْفُ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، حَتَّى يَلْحَقَ هَذَا الْفَرْعُ بِهِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ لَا تَثْبُتُ صِحَّتُهُ حَتَّى تَكُونَ الصُّورَتَانِ مُشْتَرِكَتَيْنِ (٣) فِي الْمُشْتَرَكِ الْمُسْتَلْزِمِ (٤) لِلْحُكْمِ إِمَّا فِي الْعِلَّةِ نَفْسِهَا، وَإِمَّا فِي دَلِيلِ الْعِلَّةِ: تَارَةً بِإِبْدَاءِ الْجَامِعِ، وَتَارَةً بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ، فَإِذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَرْقٌ يُؤَثِّرُ، عُلِمَ اسْتِوَاؤُهُمَا (٥) فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْجَامِعِ.

وَهُمْ يُثْبِتُونَ قِيَاسَ الطَّرْدِ، وَهُوَ إِثْبَاتٌ مِثْلُ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَنَاطِ الْحُكْمِ.

(* وَقِيَاسُ الْعَكْسِ وَهُوَ نَفْيُ حُكْمِ الْأَصْلِ عَنِ الْفَرْعِ، لِافْتِرَاقِهِمَا فِي مَنَاطِ الْحُكْمِ *) (٦) فَهَذَا (٧) يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ


(١) ن، م، و: بَعْضُهَا بِالنَّصِّ وَبَعْضُهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
(٢) ن، م، و: وَمُقْتَضِيهِ.
(٣) و: مَسْتُورَتَيْنِ.
(٤) ن، م: الْمُلْتَزِمِ.
(٥) ن، م: اشْتِرَاكُهُمَا.
(٦) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٧) أ، ب: هَذَا، ن، م: وَهَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>