للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءِ (١) ، فَإِنَّهُ لَمَّا حُكِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِبَاحَةُ ذَلِكَ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ظَنَّ الْجَاهِلُ أَنَّ أَدْبَارَ الْمَمَالِيكِ كَذَلِكَ.

وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْغَلَطِ عَلَى مَنْ هُوَ (٢) دُونَ مَالِكٍ، فَكَيْفَ عَلَى مَالِكٍ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَشَرَفِ مَذْهَبِهِ وَكَمَالِ صِيَانَتِهِ عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَأَحْكَامِهِ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَبْلَغِ الْمَذَاهِبِ إِقَامَةً لِلْحُدُودِ، وَنَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرَاتِ وَالْبِدَعِ (٣) .

وَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَنَّ مَنِ اسْتَحَلَّ إِتْيَانَ الْمَمَالِيكِ أَنَّهُ يَكْفُرُ، كَمَا أَنَّ هَذَا قَوْلُ جَمِيعِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اسْتِحْلَالَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْلَالِ وَطْءِ أَمَتِهِ الَّتِي هِيَ بِنْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَوْ أُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَوْ هِيَ مَوْطُوءَةُ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ، فَكَمَا أَنَّ مَمْلُوكَتَهُ إِذَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِرَضَاعٍ أَوْ صَهْرٍ لَا تُبَاحُ لَهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَمْلُوكُهُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، فَإِنَّ هَذَا الْجِنْسَ مُحَرَّمٌ (٤) مُطْلَقًا لَا يُبَاحُ بِعَقْدِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ، بِخِلَافِ وَطْءِ الْإِنَاثِ.

وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ أَنَّ اللُّوطِيَّ (٥) يُقْتَلُ رَجْمًا،


(١) ن، م: مَا يُحْكَى عَنْهُ مِنْ إِبَاحَةِ أَدْبَارِ النِّسَاءِ.
(٢) أ، ب: مِمَّنْ هُوَ.
(٣) وَالْبِدَعِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي ٩/٣١: وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَدِّهِ حَدَّ اللِّوَاطِ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ حَدَّهُ الرَّجْمُ بِكْرًا كَانَ أَوْ ثَيِّبًا، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرَ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ.
(٤) و: يَحْرُمُ.
(٥) أ، ب: اللَّائِطَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>