للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَحَقُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ، وَعَلِيٌّ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ يُحِبُّ النَّبِيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ نَفْسَهُ، فَيَكُونُ لَوْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ لَكَانَ بُكَاؤُهُ لِأَجْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ بُكَائِهِ لِأَجْلِ ابْنِهِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَبَّةُ الِابْنِ طَبِيعِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا. فَيُقَالُ: هَذَا مَوْجُودٌ فِي حُبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ الَّذِي «يَقُولُ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: " تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» " (٢) وَهَكَذَا ثَبَتَ (٣) فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَدِ اخْتَارَ مَوْتَهُ وَجَعَلَهُ فَدَاءً لِغَيْرِهِ؟ .


(١) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَتْ فِيهِ (ن) ، (و) .
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/٨٣ ٨٤ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ) وَلَفْظُهُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ! فَقَالَ: " يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ " ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ " وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي: مُسْلِمٍ ٤/١٨٠٧ ١٨٠٨ (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ رَحْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّبْيَانَ وَالْعِيَالَ وَتَوَاضُعِهِ. .) ، سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ ٣/٢٦٢ ٢٦٣ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ) ، وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ حَدِيثٌ مُقَارِبٌ فِي الْمَعْنَى فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ١/٥٠٦ ٥٠٧ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ) ، الْمُسْنَدَ (الْفَتْحَ الرَّبَّانِيَّ لِتَرْتِيبِ الْمُسْنَدِ) ٧/١٣١ ١٣٢، ط. الْقَاهِرَةِ ١٣٥٦.
(٣) أ: يَنْدُبُ، ب: يَنْدُبُهُ، م: ذُكِرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>