للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} فَزَادَ اللَّفْظُ وَنَقَصَ الْمَعْنَى كَانَ هَذَا مِمَّا يُصَانُ عَنْهُ كَلَامُ أَدْنَى النَّاسِ حِكْمَةً، فَكَيْفَ بِكَلَامِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْكَلَامِ وَأَفْضَلُهُ، وَفَضْلُهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ؟ ! .

وَالْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُخْطِئِ يُثْبِتُونَ ذَلِكَ بِعُمُومِ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ فِي الْآدَمِيِّ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ الْمُتَعَمِّدَ (١) بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُتَعَمِّدُ (٢) وَهُوَ الْوَعِيدُ بِقَوْلِهِ (٣) : {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} ، [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: ٩٥] ، فَلَمَّا ذَكَرَ الْجَزَاءَ وَالِانْتِقَامَ، كَانَ الْمَجْمُوعُ مُخْتَصًّا بِالْمُتَعَمِّدِ، وَإِذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ مُخْتَصًّا بِالْمُتَعَمِّدِ (٤) ، لَمْ يَلْزَمْ أَلَّا يَثْبُتَ (٥) بَعْضُهُ مَعَ عَدَمِ الْعَمْدِ (٦) .

مِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٠١] فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْقَصْرِ قَصْرَ الْعَدَدِ وَقَصْرَ الْأَرْكَانِ، وَهَذَا الْقَصْرُ الْجَامِعُ لِلنَّوْعَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّفَرِ وَالْخَوْفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنِ الِاخْتِصَاصِ الْمَجْمُوعِ


(١) أ، ب: إِنَّمَا خَصَّ الْمُعْتَمِّدَ. . الْخَ.
(٢) أ، ب: مَا يُخَصُّ بِهِ الْمُعْتَمِدُ، ن، م: مَا يَخْتَصُّ الْعَامِدُ، و: مَا يُخَصُّ بِالْمُتَعَمِّدِ.
(٣) أ، ب: لِقَوْلِهِ.
(٤) (٤ - ٤) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٥) أ، ب: وَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَثْبُتَ.
(٦) انْظُرْ حُكْمَ صَيْدِ الْمُحْرِمِ فِي: الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ ٣/٣١٠ - ٣١٤، نَيْلِ الْأَوْطَارِ لِلشَّوْكَانِيِّ ٥/٨٤ - ٨٦ (ط. الْمُنِيرِيَّةِ، الطَّبْعَةَ الثَّانِيَةَ، ١٣٤٤) ، مُنْتَهَى الْإِرَادَاتِ لِابْنِ النَّجَّارِ ١/٢٥٣ - ٢٥٧ (ط. دَارِ الْعُرُوبَةِ، ١٣٨١/١٩٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>