للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيِّ بْنِ مُوسَى مَعَ الْمَأْمُونِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ كَذِبًا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ جَهْلًا مِمَّنْ أَفْتَى بِذَلِكَ.

فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ، أَوْ وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّ فُلَانًا دَرَاهِمَ كَثِيرَةً، أَوْ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، لَا يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْحُجَّةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ لِوُجُوهٍ:.

أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنَّ الْمَوَاطِنَ كَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً وَسِتًّا وَخَمْسِينَ سَرِيَّةً، لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَغْزُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ غَزَاةً بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ، بَلْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ (١) .

الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَاللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ (٢) بِمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ مَوَاطِنَ كَثِيرَةً، وَكَانَ بَعْدَ يَوْمِ حُنَيْنٍ غَزْوَةُ الطَّائِفِ وَغَزْوَةُ تَبُوكَ، وَكَثِيرٌ مِنَ السَّرَايَا كَانَتْ بَعْدَ [يَوْمِ] (٣)


(١) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي كِتَابِهِ " الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ " السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، تَحْقِيقِ مُصْطَفَى عَبْد الْوَاحِدِ ٢/٢٥٢ - ٢٥٤ (ط. عِيسَى الْحَلَبِيِّ، ١٣٨٤ ١٩٦٤) إِنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ سُئِلَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ، شَهِدَ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ، أَوَّلُهُنَّ الْعَسِيرَةُ، أَوِ الْعَشِيرَةُ. . . ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ بُرَيْدَةَ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ: أَنَّهُ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهُنَّ. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ: " وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ الْقَاسِمِ الرَّاسِبِيِّ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَرَايَاهُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ: أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ بَعْثًا، وَتِسْعَ عَشْرَةَ غَزَاةً ".
(٢) أ، ب: وَاللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ. .
(٣) يَوْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ص) .

<<  <  ج: ص:  >  >>