للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَهُ سَنَةٌ وَنَحْوُهَا لَمْ يَعِشْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ قَطْعًا. وَإِذَا كَانَتِ الْأَعْمَارُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ لَا تَتَجَاوَزُ هَذَا الْحَدَّ، فَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَعْصَارِ أَوْلَى بِذَلِكَ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ أَعْمَارَ بَنِي آدَمَ فِي الْغَالِبِ كُلَّمَا تَأَخَّرَ الزَّمَانُ قَصُرَتْ وَلَمْ تَطُلْ، فَإِنَّ نُوحًا [عَلَيْهِ السَّلَامُ] لَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَآدَمُ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (١) عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (٢) ، فَكَانَ


(١) عَلَيْهِ السَّلَامُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٥/١٢٣ ١٢٤ (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، الْبَابُ الْأَخِيرُ فِيهِ) وَأَوَّلُهُ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ. . الْحَدِيثَ وَفِيهِ " قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ فَإِنَّى قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ اسْكُنِ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اهْبِطْ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ. قَالَ: فَآتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكَ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ، فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. قَالَ: فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": قَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِي تَخْرِيجِ " مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ " لِلتَّبْرِيزِيِّ ٢/٥٤٣: " وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَا ". وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِنَفْسِ الْمَعْنَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي السَّنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ٤/٧١، ٧٢، ٢٥٢، ٥/١٧٤ ١٧٥. وَأَوْرَدَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِهِ لِآيَةِ الدَّيْنِ (الْبَقَرَةِ ٢٨٢) وَعَلَّقَ عَلَيْهِ، كَمَا أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ١/٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>