للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا قِيلَ: حُدُوثُ الْحَادِثِ الْأَوَّلِ أَعَدَّ الذَّاتَ لِحُدُوثِ الثَّانِي. .

قِيلَ لَهُمْ: فَالذَّاتُ نَفْسُهَا هِيَ عِلَّةُ الْجَمِيعِ، وَنِسْبَتُهَا إِلَى الْجَمِيعِ نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَا الْمُوجِبُ لِكَوْنِهَا جَعَلَتْ ذَلِكَ يَعُدُّهَا لِهَذَا دُونَ الْعَكْسِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِهَا شَيْءٌ يُوجِبُ التَّخْصِيصَ.؟ .

وَأَيْضًا: فَكَيْفَ تَصِيرُ هِيَ فَاعِلَةٌ (١) لِهَذَا الْحَادِثِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ فَاعِلَةً لَهُ (٢) مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ يَقُومُ بِهَا؟ .

وَأَيْضًا: فَكَيْفَ يَكُونُ مَعْلُولُهَا يَجْعَلُهَا فَاعِلَةً بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ فَاعِلَةً بِدُونِ فِعْلٍ يَقُومُ بِهَا؟ .

وَإِذَا قَالُوا: أَفْعَالُهَا تَخْتَلِفُ، وَتَحْدُثُ لِاخْتِلَافِ الْقَوَابِلِ وَالشَّرَائِطِ وَحُدُوثِ ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادِ، [وَ] سَبَبُ (٣) ذَلِكَ الْحُدُوثِ هُوَ الْحَرَكَاتُ الْفَلَكِيَّةُ وَالِاتِّصَالَاتُ الْكَوْكَبِيَّةُ.

قِيلَ لَهُمْ: هَذَا إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَإِنَّمَا يُمْكِنُ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ فَاعِلُ الْإِعْدَادِ غَيْرَ فَاعِلِ الْإِمْدَادِ كَالشَّمْسِ الَّتِي يَفِيضُ نُورُهَا وَحَرَارَتُهَا عَلَى الْعَالَمِ، وَيَخْتَلِفُ فِعْلُهَا، وَيَتَأَخَّرُ كَمَالُ تَأْثِيرِهَا عَنْ شُرُوقِهَا لِاخْتِلَافِ الْقَوَابِلِ وَحُدُوثِهَا، وَالْقَوَابِلُ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِ الشَّمْسِ.

وَكَذَلِكَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ الَّذِي يَخْتَلِفُ فَيْضُهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ بِاخْتِلَافِ قَوَابِلِهِ، فَإِنَّ الْقَوَابِلَ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ، وَلَيْسَتْ حَرَكَاتُ كُلِّ الْأَفْلَاكِ عَنِ الْعَقْلِ الْفَيَّاضِ.


(١) ن: تَصِيرُ عِلَّةً ; م: تَصِيرُ هِيَ عِلَّةٌ.
(٢) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٣) ن، م: ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادِ سَبَبُ. إِلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>