للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا (١) حَتَّى يَتَعَلَّمُوا (٢) مَعْنَاهَا.

وَمَا تَقَوَّلَهُ الْإِمَامِيَّةُ مِنْ (٣) أَنَّ الْفَرْضَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مُجْتَمَعُ (٤) السَّاقِ وَالْقَدَمِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ (٥) ، أَمْرٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ يُعْرَفُ (٦) ، وَلَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ، بَلْ هُمْ مُخَالِفُونَ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَلِإِجْمَاعِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ (٧) .

فَإِنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ يُوجِبُ الْمَسْحَ بِالرُّءُوسِ (٨) وَبِالْأَرْجُلِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، مَعَ إِيجَابِهِ لِغَسْلِ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي (٩) إِلَى الْمَرَافِقِ، فَكَانَ فِي ظَاهِرِهِ مَا يُبَيِّنُ (١٠) أَنَّ فِي كُلِّ يَدٍ مِرْفَقًا، وَفِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبَيْنِ فَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ النَّصْبِ فَالْعَطْفُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَحَلِّ (١١) إِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:


(١) ر، هـ، ص: لَمْ يَتَجَاوَزْهَا.
(٢) ص: يَعْلَمُوا.
(٣) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(٤) أ، ب، و: مَجْمَعُ.
(٥) فِي " اللِّسَانِ ": " وَالشِّرَاكُ: سَيْرُ النَّعْلِ، وَالْجَمْعُ شُرُكٌ ".
(٦) ر، هـ، ص،: مَعْرُوفٌ.
(٧) ن: بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
(٨) أ، ب، ص: بِالرَّأْسِ.
(٩) ن، م: الْوَجْهِ وَالْأَيْدِي؛ أ، ب: الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ.
(١٠) أ، ب: فِي ظَاهِرِ مَا تَبَيَّنَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(١١) يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ السَّادِسَةِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ: " وَقَوْلُهُ: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ؛ قُرِئَ: (وَأَرْجُلَكُمْ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا وَهِيبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَرَأَهَا (وَأَرْجُلَكُمْ) يَقُولُ: رَجَعَتْ إِلَى الْغَسْلِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعُرْوَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالضِّحَاكِ وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ. وَهَكَذَا قِرَاءَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ، كَمَا قَالَهُ السَّلَفُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>